في البزازية حيث جعل الروايتين فيه فإنه يقتضي صحة الوقف ويخالفه أيضا كلام الإسعاف وقوله في الهداية وقيل إن التأبيد شرط الإجماع إلا أن عند أبي يوسف لا يشترط ذكره لأن لفظ الوقف والصدقة منبىء عنه ولهذا قال في الكتاب وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم وهذا هو الصحيح وعند محمد ذكره شرط الخ فقوله لأن لفظ الوقف والصدقة يفيد أن الكلام في ذكرهما معا لا في ذكر لفظ الوقف فقط ويوضحه ما في الخانية لو قال صدقة موقوفة على فلان صح ويصير تقديره صدقة موقوفة على الفقراء لأن محل الصدقة الفقراء إلا أن غلتها تكون لفلان ما دام حيا ولو قال موقوفة على فقراء قرابتي وعلى ولدي لا يصح لأنهم ينقطعون فلا يتأبد الوقف وبدون التأبيد لا يصح إلا أن يجعل آخره للفقراء فرق أبو يوسف بين قوله موقوفة وبين قوله موقوفة على ولدي فيصح الأول لا الثاني اه أي لأن الثاني ذكر مقيدا بالموقوف عليه المعين وذلك ينافي التأبيد حيث لم يصرح به ولا بما في معناه بخلاف ما إذا قال موقوفة فقط لانصرافه إلى الفقراء عرفا فهو مؤبد وكذا صدقة موقوفة على فلان فإنه وإن قيد بمعين لكنه مطلق لأن الصدقة للفقراء فكأنه قال وبعد فلان فعلى الفقراء فيكون مؤبدا لكن إذا لم يقيد بمعين فهو مؤبد بلا خلاف فيصح عند محمد أيضا كما مر لعدم منافي التأبيد أصلا ولذا قال في الخانية لو قال موقوفة ولم يزد لا يجوز إلا عند أبي يوسف ويكون وقفا على المساكين ولو قال موقوفة صدقة أو صدقة موقوفة ولم يزد جاز عند أبي يوسف ومحمد وهلال وقيل لا ما لم يقل وآخرها للمساكين أبدا والصحيح الجواز لأن محل الصدقة في الأصل الفقراء فلا يحتاج إلى ذكر الأبد أيضا اه .
فهذا صريح في أن التصريح بالصدقة تصريح بالتأبيد فيجوز عندهما بلا خلاف إن لم يعين فلو عين لم يجز عند محمد وجاز عند أبي يوسف ثم بعد انقطاعه يعود إلى الفقراء كما صححه في الهداية وعليه المتون كالقدوري و الملتقى والنقاية وغيرها أو يعود إلى ملك الواقف أو ورثته .
وسيذكر الشارح تصحيحه لكن نقل في الذخيرة أن هذا القول مذكور في شرح الطحاوي و شرح السرخسي وأن بعض المشايخ قالوا إنه خطأ .
قلت ويؤيده ما مر عن الإسعاف من أن التأبيد معنى شرط اتفاقا وإذا عاد إلى الملك لم يكن مؤبدا إلا لفظا ومعنى .
والحاصل أنه لا خلاف عندهما في صحة الوقف مع عدم تعيين الموقوف عليه إذا ذكر لفظ التأبيد وأما في معناه كالفقراء وكلفظ صدقته موقوفة وكموقوفة لله تعالى وكموقوفة على وجوه البر لأنه عبارة عن الصدقة وكذا موقوفة على الجهاد أو على أكفان الموتى أو حفر القبور كما في الخانية وغيرها وأنه لا خلاف في بطلانه لو اقتصر على لفظ موقوفة مع التعيين كموقوفة على زيد خلافا لما في البزازية وإنما الخلاف بينهما لو اقتصر بلا تعيين أو جمع مع التعيين كصدقة موقوفة على فلان فعند أبي يوسف يصح ثم يعود إلى الفقراء وهو المعتمد .
وقيل يعود إلى الملك والمراد بالمعين ما يحتمل الانقطاع كأولاد زيد أو فقراء قرابة فلان وهم يحصون .
وفي الذخيرة عن وقف الخصاف قال جعلت الأرض صدقة موقوفة على فلان وولده وولد ولده وأولاده أولادهم فإذا سمى من ذلك ثلاث بطون فهي وقف مؤبد إلى يوم القيامة .
وبقي ما إذا وقف على عمارة مسجد معين فقيل