لما في النهر عن المحيط لو وقف على الأغنياء وحدهم لم يجز لأنه ليس بقربة أما لو جعل آخره للفقراء فإنه يكون قربة في الجملة ا ه .
وبهذا التعميم صار التعريف جامعا واستغنى عما زاده فيه الكمال وتبعه ابن كمال من قوله أو صرف منفعتها إلى من أحب وقال إن الوقف يصح لمن يحب من الأغنياء بلا قصد القربة وهو وإن كان لا بد في آخره من القربة بشرط التأبيد كالفقراء ومصالح المسجد لكنه يكون وقفا قبل انقراض الأغنياء بلا تصدق .
ا ه .
أفاده في النهر .
وأجاب في البحر أيضا بأنه قد يقال إن الوقف على الغني تصدق بالمنفعة لأن الصدقة تكون على الأغنياء أيضا وإن كانت مجازا عن الهبة عند بعضهم وصرح في الذخيرة بأن في التصدق على الغني نوع قربة دون قربة الفقير ا ه .
واعترضه ح بأن هذا النوع من القربة لو كفى في الوقف لصح الوقف على الأغنياء من غير أن يجعل آخره للفقراء وعلمت تصريح المحيط بأنه لا يصح وسيأتي قبيل الفصل .
قلت والجواب الصحيح أن الوقف تصدق ابتداء وانتهاء إذ لا بد من التصريح بالتصدق على وجه التأبيد أو ما يقوم مقامه كما يأتي تحقيقه ولكنه إذا جعل أوله على معنيين صار كأنه استثنى ذلك من الدفع إلى الفقراء كما صرحوا به ولذا لو وقف على بنيه ثم على الفقراء ولم يوجد إلا ابن واحد يعطى النصف والنصف الباقي للفقراء لأن ما بطل من الوقف على الابن صار للفقراء لأن الوقف خرج عن ملك الواقف بقوله صدقة موقوفة أبدا فقد ابتدأه بالصدقة وختمه بها كما قاله الخصاف فعلم أنه صدقة ابتداء ولا يخرجه عن ذلك اشتراط صرفه لمعين .
قوله ( والأصح أنه عنده جائز الخ ) قال في الإسعاف وهو جائز عند علمائنا أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى .
وذكر في الأصل كان أبو حنيفة لا يجيز الوقف فأخذ بعض الناس بظاهر هذا اللفظ وقال لا يجوز الوقف عنده .
والصحيح أنه جائز عند الكل وإنما الخلاف بينهم في اللزوم وعدمه فعنده يجوز جواز ولو رجع عنه حال حياته جاز مع الكراهة ويورث عنه .
ولا يلزم إلا بأحد أمرين إما أن يحكم به القاضي أو يخرجه مخرج الوصية .
وعندهما يلزم بدون ذلك وهو قول عامة العلماء وهو الصحيح .
ثم إن أبا يوسف يقول يصير وقفا بمجرد القول لأنه بمنزلة الإعتاق عنده وعليه الفتوى .
وقال محمد لا إلا بأربعة شروط ستأتي ا ه .
ملخصا .
وبحث في الفتح بأنه إذا لم يزل ملكه عنده قبل الحكم فلفظ حبس لا معنى له لأن التصرف فيه متى شاء فلم يحدث الوقف إلا مشيئة التصدق بالمنفعة وله أن يترك ذلك متى شاء وهذا القدر كان ثابتا قبل الوقف فلم يفد لفظ الوقف شيئا وحينئذ فقول من أخد بظاهر ما في الأصل صحيح .
ونظر فيه في البحر بأن سلب الفائدة مطلقا غير صحيح لأنه يصح الحكم ويحل للفقير أن يأكل منه ويثاب الواقف به ويتبع شرطه ويصح نصب المتولي عليه .
وقوله من أخذ بظاهر اللفظ غير صحيح لأن ظاهره عدم الصحة أصلا ولم يقل به أحد وإلا لزم أن لا يصح الحكم به ا ه .
قلت بل ذكر في الإسعاف أنه عنده يكون نذرا بالتصدق حيث قال وحكمه ما ذكر في تعريفه فلو قال أرضي هذه صدقة موقوفة مؤبدة جاز لازما عند العلماء .
وعند أبي حنيفة يكون نذرا بالصدقة بغلة الأرض يبقي ملكه على حاله فإذا مات يورث عنه ا ه أي فيجب عليه التصدق بغلته .
قوله ( على حكم ملك الله تعالى ) قدر لفظ حكم ليفيد أن المراد أنه لم يبق على ملك الواقف ولا انتقل إلى ملك غيره بل صار على حكم