فإذا قال أنا مسلم طائعا فهو دليل إسلامه وإن لم يسمع منه النطق بالشهادتين كما صرح به في شرح السير فيمن صلى بجماعة فإنه يحكم بإسلامه وبأنه يحكم بالإسلام بمجرد سيما المسلمين في حق الصلاة عليه إذا مات وكذا يمتنعون من النطق بالشهادتين أشد الامتناع فإذا أتى بهما طائعا يجب الحكم بإسلامه لأنه فوق السيما إذ لا شك أن محمدا إنما اشترط التبري بناء على ما كان في زمنه من إقرارهم بالرسالة على خلاف ما كان في زمن النبي من إنكارها فإذا أنكروها في زماننا وامتنعوا من النطق بالشهادتين يجب أن يرجع الأمر إلى ما كان في زمنه إذ لم يبق وجه للعدول عنه .
على أن محمدا إنما حكم على ما كان في بلاد العراق لا مطلقا كما يوهمه ما في الدرر وعن هذا ذكر العلامة قاسم أنه سئل عن سامري أتى بالشهادتين ثم رجع فأجاب بما حاصله أنه ينظر في اعتقاده فإنهم ذكروا أن بعض اليهود يخصص رسالة نبينا بالعرب وهذا لا يكفيه مجرد الشهادتين بخلاف من ينكر الرسالة أصلا وبعض من أعمى الله قلبه جعلهم فرقة واحدة في جميع البلاد حتى حكم في نصراني منكر للرسالة تلفظ بالشهادتين ببقائه على النصرانية لم يتبرأ اه .
ملخصا .
والحاصل أن الذي يجب التعويل عليه أنه إن جهل حاله يستفسر عنه وإن علم كما في زماننا فالأمر ظاهر وهذا وجه ما يأتي عن قارىء الهداية .
قوله ( لأن التلفظ به صار علامة على الإسلام الخ ) أفاد بقوله صار إلى أن ما كان في زمن الإمام محمد تغير لأنهم في زمنه ما كانوا يمتنعون عن النطق بها فلم تكن علامة الإسلام فلذا شرط معها التبري .
أما في زمن قارىء الهداية فقد صارت علاقة الإسلام لأنه لا يأتي بها إلا المسلم كما في زماننا هذا ولذا نقل في البحر أول كتاب الجهاد كلام قارىء الهداية ثم أعقبه بقوله وهذا المصير إليه في ديار مصر بالقاهرة لأنه لا يسمع من أهل الكتاب فيها الشهادتان ولذا قيده محمد بالعراق اه .
ومثله في شرح العلامة المقدسي .
ونقل أيضا في الدر المنتقى كلام قارىء الهداية ثم قال وبه أفتى أحمد بن كمال باشا .
وفي شرح الملتقى لعبد الرحمن أفندي داماد وأفتى البعض في ديارنا بإسلامه من غير تبر وهو المعمول له اه .
فليحفظ اه .
وقد أسمعناك آنفا ما فيه الكفاية .
بالفعل أيضا كالصلاة بجماعة أو الإقرار بها أو الأذان في بعض المساجد أو الحج وشهود المناسك لا الصلاة وحده ومجرد الإحرام .
بحر .
وقدم الشارح ذلك نظما في أول كتاب الصلاة وقدمنا الكلام عليه مستوفى وذكرنا هناك أنه لا فرق في الإسلام بالفعل بين العيسوي وغيره والمراد أنه دليل الإسلام فيحكم على فاعل ذلك به وإلا فحقيقة الإسلام المنجية في الآخرة لا بد فيها من التصديق الجازم مع الإقرار بالشهادتين أو بدونه على الخلاف المار .
قوله ( لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن ) ظاهره أنه لا يفتى به من حيث استحقاقه للقتل ولا من حيث الحكم ببينونة زوجته .
وقد يقال المراد الأول فقط لأن تأويل كلامه للتباعد عن قتل المسلم بأن يكون قصد ذلك التأويل وهذا لا ينافي معاملته بظاهر كلامه فيما هو حق العبد وهو طلاق الزوجة وملكها لنفسها بدليل ما صرحوا به من أنهم إذا أراد أن يتكلم بكلمة مباحة فجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ بلا قصد لا يصدقه القاضي وإن كان لا يكفر فيما