لابنه فيتوارثون الوظائف أبا عن جد كلهم جهلة كالأنعام ويكبرون بذلك فراهم وعمائمهم ويتصدرون في البلدة حتى أدى ذلك إلى اندراس المدارس والمساجد وأكثرها صار بيوتا باعوها أو بساتين استغلوها فمن أراد أن يطلب العلم لا يجد له مأوى يسكنه ولا شيئا يأكله فيضطر إلى أن يترك العلم ويكتسب .
ووقع في زماننا أن رجلا من أكابر دمشق مات عن ولد أجهل منه لا يقرأ ولا يكتب فوجهت من وظائفه تولية مسجد ومدرسة على رجلين من أعلم علماء دمشق فذهب ولده وعزلهما عن ذلك بالرشوة .
وفي أواخر الفن الثالث من الأشباه إذا ولى السلطان مدرسا ليس بأهل لم تصح توليته .
وفي البزازية السلطان إذا أعطى غير المستحق فقد ظلم مرتين بمنع المستحق وإعطاء غيره اه .
ففي توجيه هذه الوظائف لأبناء هؤلاء الجهلة ضياع العلم والدين وإعانتهم على إضرار المسلمين فيجب على ولاة الأمور توجيهها على أهلها ونزعها من أيدي غير الأهل وإذا مات أحد من أهلها توجه على ولده فإن لم يخرج على طريقة والده يعزل عنها وتوجه للأهل إذ لا شك أن غرض الواقف إحياء ما أوقفه من ذلك فكل ما كان فيه تضييعه فهو مخالف لغرض الشرع والواقف هذا هو الحق الذي لا محيد عنه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قوله ( فهذا ) أي ما ذكر من المصالح .
وقوله مصرف جزية وخراج أي ونحوهما مما ذكر معهما .
قوله ( مر في الزكاة ) أي في باب المصرف .
قوله ( مر في السير ) أي في فصل كيفية القسمة .
قوله ( وبقي رابع ) تقدم هذا مع الثلاثة التي قبله نظما لابن الشحنة في آخر باب العشر من كتاب الزكاة وقدمنا الكلام عليها .
قوله ( وفقير بلا ولي ) أي ليس له من تجب نفقته عليه .
قال في البحر يعطون منه نفقتهم وأدويتهم ويكفن به موتاهم ويعقل به جنايتهم اه .
تنبيه قال في الأحكام العلماء يستحقون من النوع الأول بالعمل مع الغني ومن النوع الثاني بصفة الفقر ونحوها ومن النوع الثالث بأحد صفات مستحقيه ومن النوع الرابع بصفة المرض ونحوه ومن خص استحقاقهم بالأول نظر إلى محض صفة العلم اه .
قوله ( بيتا يخصه ) فلا يخلط بعضه ببعض لأن لكل نوع حكما يختص له .
زيلعي .
قوله ( ليصرفه للآخر ) أي لأهله .
قال الزيلعي ثم إذا حصل من ذلك النوع شيء رده في المستقرض منه إلا أن يكون المصروف من الصدقات أو من خمس الغنيمة على أهل الخراج وهم فقراء فإنه لا يرد فيه شيئا لأنهم مستحقون للصدقات بالفقر وكذا في غيره إذا صرفه إلى المستحق اه .
قوله ( ويعطى بقدر الحاجة الخ ) الذي في الزيلعي هكذا ويجب على الإمام أن يتقي الله تعالى ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته من غير زيادة فإن قصر في ذلك كان الله تعالى عليه حسيبا اه .
وفي البحر عن القنية كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يسوي في العطاء من بيت المال وكان عمر رضي الله تعالى عنه يعطيهم على قدر الحاجة والفقه والفضل والأخذ بهذا في زماننا أحسن فتعتبر الأمور الثلاثة اه .
أي فله أن يعطي الأحوج أكثر من غير الأحوج وكذا الأفقه والأفضل أكثر من غيرهما وظاهره أنه لا تراعى الحاجة في الأفقه والأفضل وإلا فلا فائدة في ذكرهما ويؤيده أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يعطي من كان له زيادة فضيلة من علم أو نسب أو نحو ذلك أكثر من غيره وفي البحر أيضا عن المحيط والرأي إلى الإمام من تفضيل وتسوية من غير أن يميل في ذلك إلى هوى وفيه عن القنية وللإمام الخيار في المنع والإعطاء في الحكم اه .