أخذ شيئا فهو له أما لو قال كل ما أصبتم فهو لكم فإنه لا يصح كما مر والمراد وقوعه لأي عسكر كان في أي غزوة كانت وإلا خالفه ما مر من أنه يعم كل قتال في تلك السنة ما لم يرجعوا لكن يبقى النظر فيما بعد موت السلطان المنفل على هذا الوجه أو بعد عزله وتولية غيره هل يبقى الأول العام أم لا ويتعين عدمه ما لم ينفل الثاني مثله وهكذا إلى وقتنا هذا فقد ذكر في الخيرية أن أمر السلطان لا يبقى بعد موته وما قيل من أن كل سلطان من سلاطين آل عثمان نصرهم الله تعالى يؤخذ عليه عهد من قبله لا ينفع كما أوضحت ذلك في كتابي تنبيه الولاة والحكام على شاتم خير الأنام .
$ مطلب في حكم الغنيمة المأخوذة بلا قسمة في زماننا $ قوله ( فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة ) قد علم مما قدمناه قريبا عند قوله وجاز التنفيل بالكل أنه لا يلزم إعطاء الخمس في التنفيل العام المقصود منه التخصيص دون التشريك كما لا يلزم فيه تفاوت الفارس والراجل لسقوط ذلك ضمنا لا قصدا على أن الواقع في زماننا عدم القسمة وعدم إعطاء الخمس فكيف تنتفي الشبهة على فرض لزوم الخمس بل الشبهة باقية من حيث أنا لا نعلم أن سلطان زماننا هل نفل تنفيلا عاما أم لا ولا يقال إن عدم القسمة اليوم دليل على وجود التنفيل لأن جيوش زماننا يأخذون ما تصل إليه أيديهم سلبا ونهبة حتى من بلاد الإسلام ولو ظهر مالكه المسلم لا يدفعه إليه إلا بثمنه فليس في حالهم ما يقتضي حملهم على الكمال وكذا حكام هذا الزمان وأمراء الجيوش لا ينفلون ولا يقسمون ولا يخمسون فالظاهر أن ما يؤخذ من الغنائم اليوم حكمه حكم الغلول وقد ذكر في شرح السير الكبير أن الغال إذا ندم وأتى بما غله إلى الإمام بعد تفرق الجيش فإن شاء رده عليه وأمره بصرفه إلى مستحقيه وإن شاء أخذه منه ودفع خمسه لمستحقه ويكون الباقي كاللقطة فإن لم يقدر على أهله تصدق به أو جعله موقوفا في بيت المال وكتب عليه أمره وإن لم يأت به الغال إلى الإمام إن لم يقدر على رده إلى أهله فالمستحب له أن يتصدق به وإن قدر فالحكم فيه كاللقطة ودفعه إلى الإمام أحب كما في اللقطة فيعطي الخمس منه لأهله وذكر أيضا أن بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه .
$ مطلب في وطء السراري في زماننا $ وفي حاوي الزاهدي اشترى جارية مأسورة لم يؤد منها الخمس من الأمير ينفذ ويحل وطؤها وإن اشتراها ممن وقعت في سهمه نفذ في أربعة أخماسها ولا يحل له وطؤها اه أي إذا قسمت ولم تخمس وأنما حل في بيع الأمير بناء على أن له البيع قبل الإحراز كما مر ويكون الخمس حينئذ واجبا في الثمن لا فيها فيحل وطؤها فإذا لم يوجد تنفيل ولا قسمة ولا شراء من أمير الجيش لا يحل الوطء بوجه أصلا لكن لا نحكم على كل جارية بعينها من الغنيمة بأنها لم يوجد فيها شيء من ذلك لاحتمال أن من أخذها اشتراها من الأمير فارتفع تيقن الحرمة وبقيت الشبهة القوية فإن الظاهر من حال الجيوش في زماننا عدم الشراء ولا ترتفع الشبهة بعقده عليها لأنها حيث كانت مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس لم يصح تزويجها نفسها فالأحوط ما نقله بعض الشافعية عن بعض أهل الورع أنه كان إذا أراد التسري بجارية شراها ثانيا من وكيل بيت المال .
قلت أي لأنه إذا حصل اليأس من معرفة مستحقها من الغانمين صارت بمنزلة اللقطة واللقطة من مصارف بيت المال لكن إذا كان المشتري فقيرا له تملكها .