وأن لم يعقل وجهها فعلى الوجهين لا يلزمه شيء سوى الاستغفار وقيل إن قوله ولو جعل يمينا بالله تعالى أي بناء على ظاهر الرواية من حمله على الطعام والشراب وفيه نظر لأنه إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام يصير بمعنى إن كنت فعلته فوالله لا آكل ولا أشرب فإذا كان قد فعل انعقدت يمينه على عدم الأكل والشرب فيكفر بأكله أو شربه فلا تكون لغوا فافهم .
وعلى هذا فما في النهاية عن النوازل من أنه إن لم تكن له امرأة تجب عليه الكفارة محمول على أنه جعل يمينا بالله تعالى مع كون الحلف على مستقبل وإلا كان غموسا فلا تلزمه الكفارة وأما قوله في البحر معناه إذا أكل أو شرب لانصرافه عند عدم الزوجة إلى الطعام والشراب لا كما يفهم من ظاهر العبارة اه .
ففيه نظر بل هو محمول على ما يفهم من ظاهر العبارة وهو وجوب الكفارة وإن لم يأكل ولم يشرب بناء على ما قلنا وإلا ورد عليه ما ذكرناه من النظر السابق ويؤيده أن انصرافه إلى الطعام والشراب كان في العرف السابق ثم تغير ذلك العرف وصار مصروفا إلى الطلاق كما مر فبعد ما صار حقيقة عرفية في الطلاق لا يصح حمله على العرف المهجور بل يبقى مرادا به الطلاق غير أنه إذا لم تكن له امرأة يبقى مرادا به الطلاق فيلغوا ويجعل يمينا بالله تعالى فتجب به الكفارة إن لم يكن غموسا فالترديد في كلام الظهيرية مبني على قولين بدليل ما في البزازية حيث قال وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه اه .
فما قاله النسفي مبني على أنه يبقى مرادا به الطلاق وظاهر كلامهم ترجيح خلافه فاغتنم تحقيق هذا المقام فإنه من منح الملك السلام .
قوله ( سواء نكح بعده أو لا ) هو ما عليه الفتوى كما يأتي .
قوله ( فيكفر بأكله أو شربه ) مبني على ما فسر به في البحر عبارة النوازل وقد علمت ما فيه والصواب ان يقول فيكفر بحنثه أي بفعله المحلوف عليه كأن قال إن دخلت الدار فكل حل علي حرام ثم دخلها يلزمه كفارة اليمين لأنها يمين منعقدة على عدم الدخول في المستقبل لا على عدم الأكل والشرب حتى لو أكل أو شرب قبل الدخول أو بعده لا يلزمه شيء .
قوله ( ولو بالله علي ماض ) لفظ بالله سبق قلم أي ولو كانت يمينه على ماض كما إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام وكان عالما بأنه فعله فهي غموس إن جعلت يمينا بالله تعالى فلا تلزمه كفارة وقوله أو لغو أي إن جعلت يمينا بالطلاق كما قاله النسفي .
وظاهر ما مر عن الظهيرية من قوله لأنه جعل يمينا بالطلاق اعتماد الأول وهو ظاهر ما قدمناه أيضا عن البزازية وكذا ما يأتي قريبا .
وبما قررناه علم أن ما ذكره الشارح من قوله فغموس أو لغو هو حاصل ما قدمناه عن الظهيرية فليس في كلامه خلل سوى زيادة لفظ بالله فافهم .
قوله ( ولو له امرأة وقتها الخ ) مقابل قول المصنف وإن لم تكن له امرأة .
قال في الظهيرية وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك وليس له امرأة كان عليها الكفارة لأن تحريم الحلال يمين وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه الكفارة لأن يمينه انصرف إلى الطلاق وقت وجودها وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين ثم تزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه .
قال الفقيه أبو جعفر تبين المتزوجة .
وقال غيره لا تبين وبه أخذ القفيه أبو الليث وعليه الفتوى لأن يمينه جعل يمينا بالله تعالى وقت وجودها فلا يكون طلاقا بعد ذلك اه ومثله في الخانية .
وفي عبارة البزازية في هذه المسائل خلل نبهنا عليه في باب الإيلاء .
قوله ( فأكل ) صوابه فباشر الشرط كما في عبارة الظهيرية وغيرها وذلك كدخول الدار مثلا ولا نظر فيه للأكل وعدمه كما علمت .
قوله ( وقد مر في الإيلاء ) ما مر هناك فيه خلل تابع فيه البزازية كما أوضحناه هناك .