قضاة زماننا لأكثر الله تعالى منهم فيزوجون في حالة الطلاق قبل الاستئجال ولا ينظرون إلى ما نص عليه علماؤنا من أن القاضي إذا ارتشى في حادثة لا ينفذ حكمه فيها والمقلد إذا خالف إمامه في مسألة لا ينفذ حكمه فيها على الأصح ومراد من قال بنفاذ حكم القاضي في هذه المسألة القاضي المجتهد كما نص عليه المحققون .
قال الشيخ حافظ الدين لإخفاء إن علم قضاتنا ليس بشبهة فضلا عن الحجة .
قاله عن قضاة زمانه وبلاده فكيف اليوم وأكثرهم جاهلون نعوذ بالله تعالى من الجراءة على أحكام الله تعالى بلا علم .
وليس للقاضي المقلد إلا اتباع مشهور المذهب ولا سيما الذي يقول له السلطان وليتك القضاء على مذهب فلان وقد عمل المتأخرون بقول زفر في مسائل معروفة لموافقتها الدليل والعرف وأعرضوا عن هذه لما فيها من خطر الشبهة لاختلاف الأنساب ولقد صحبت العلماء العاملين الأكابر قريبا من سبعين سنة فلم أر أحدا منهم أفتى بها ولا حكم بها ولا سمعته عنهم فجزاهم الله تعالى خيرا وقدس أرواحهم حيث اجتنبوا ما يريب واستمسكوا بما لا يريب اه .
قوله ( إلا إن نص السلطان الخ ) فيه نظر لاقتضائه أن مخالفة القاضي مشهور المذهب تصح إذا نص له السلطان مع أن قدمنا في هذا الباب ما مر أول الكتاب من أن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع .
تأمل .
قوله ( طلقها ذمي ) احترز به عن المسلم كما يأتي .
قوله ( لم تعتد عند أبي حنيفة ) فلو تزوجها مسلم أو ذمي في فور طلاقها جاز كما في فتح القدير .
بحر .
قلت والفرق بين هذه وبين ما إذا كان زوجها مسلما حيث تعتد ما أفاده بقوله لأنها حقه ومعتقده أي أن العدة إنما تجب حقا للزوج فإذا كان كافرا لا يعتقدها لا تجب له وإن تزوجها مسلم بخلاف ما إذا كان الزوج مسلما فتجب لأجل حقه واعتقاده وإن تزوجها ذمي مثلها وكان لا يعتقدها وبه سقط ما بحثه في النهر من باب نكاح الكافر من أنه ينبغي أن لا يختلف في وجوبها لنفسه لتحصين مائة ولا يعتقد وجوبها لكافر لأنه إنما يعتقد ما ثبت عند مجتهده نعم ذكر في الخانية هناك الذمي إذا أبان امرأته الذمية فتزوجها مسلم أو ذمي من ساعته ذكر بعض المشايخ أنه يجوز نكاحها ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها بحيضة في قول أبي حنيفة وفي قول صاحبية نكاحها باطل حتى تعتد بثلاث حيض .
قوله ( لأنا أمرنا بتركهم وما يعتقدون ) فحيث لم يعتقدوها حقا لأنفسهم لا نلزمهم بها أي أمرنا بتركهم ومعتقدهم فما مصدرية والمصدر المنسبك في محل نصب على أنه مفعول .
قوله ( وقيد الولوالجي .
الخ ) قال في البحر بعد نقله وأطلقه في الهداية معللا بأن في بطنها ولدا ثابت النسب .
وعن الإمام يصح العقد عليها ولا يطؤها كالحامل من الزنا والأول أصح اه .
ما في الهداية .
قوله ( اتفاقا ) أي بين الإمام وصاحبيه وقوله مطلقا أي سواء كانت حائلا أو حاملا .
منح .
وسواء اعتقدتها هي أو لا .
قوله ( لأن المسلم يعتقده ) أي يعتقد لزوم الاعتداد من نكاحه فكانت حق آدمي فتخاطب به الذمية وإن كان فيها حق الله تعالى .
قوله ( والحربي ملحق بالجماد ) حتى كان محلا للتملك .
هداية أي والجماد لا يراعي حقه وإن اعتقدها .
قوله ( لا لأنها معتدة الخ ) المذكور في حاشية العلامة نوح على الدرر