الثاني فهذا صريح فيما قلناه من أن المراد بالصريح هنا الرجعي فقط وبالبائن الأول ما يشمل البائن الصريح .
ومنها فرعان ذكرهما في البحر الأول ما في القنية عن الأوزجندي طلقها على ألف فقبلت ثم قال في عدتها أنت بائن لا يقع اه .
والثاني ما في الخلاصة من الجنس السادس من الخلع لو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لم يصح اه .
فهذا أيضا صريح فيما قلناه وبه سقط مال في البحر وتبعه في النهر من استشكاله الفرعين بناء على فهمه أن المراد بالصريح ما يشمل الصريح البائن .
قال وقد جعلوا الطلاق على مال من قبيل الصريح وقالوا إن البائن يلحق الصريح فينبغي الوقوع في الفرع الأول وصحة الخلع في الفرع الثاني .
ثم قال في البحر ولا مخلص إلا بكون المراد بعدم صحة الخلع عدم لزوم المال والدليل عليه أن صاحب الخلاصة صرح في عكسه وهو ما إذا طلقها بمال بعد الخلع أنه يقع ولا يجب المال ولا فرق بينهما كما لا يخفى اه .
أقول وهذا عجيب من مثله أما أولا فلأن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الرجعي فقط بخلاف الصريح في الجملة الأولى كما دل عليه ما ذكرناه من تعليلاتهم وفروعهم وعليه فلا إشكال في الفرعين أصلا بل هما دليلان على ما قلناه وأما الثانية فلأن ما ذكره من المخلص بعيد جدا بل المخلص ما قلناه وأما ثالثا فلأن دعواه عدم الفرق بين هذا الفرع وعكسه كما لا يخفى في غاية الخفاء للفرق الواضح بينهما لأنه إذا طلقها بمال بعد الخلع إنما لا يجب المال لأن إعطاء المال لتحصيل الخلاص المنجز وأنه حاصل كما قدمنا بيانه .
أما إذا طلقها على مال قبل الخلع فلا وجه لسقوط المال لأن الطلاق بدونه لا يحصل به الخلاص المنجز بل يتوقف إلى انقضاء العدة فقد حصل بالمال ما هو المطلوب به ولا يبطل بالخلع العارض بعده بعد تحقق المطلوب به بل يبطل الخلع نفسه لأن الخلاص المنجز حاصل قبله فلا يفيد .
هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام فاغتنمه فإنه من جملة ما اختص به هذا الكتاب بعون الملك الوهاب .
ثم رأيت في الحواشي اليعقوبية على صدر الشريعة ما نصه وأيضا قولهم والبائن الغير الصريح يلحق الصريح ينبغي أن لا يكون على إطلاقه لأنه لا يلحق الصريح البائن لاحتمال الخبرية عن الأول كما لا يخفى إلا أن يدعي الفرق بين البائنين فلا يصح الخبر بأحدهما عن الآخر اه .
وهذا عين ما فهمته بحد الله تعالى من أن المراد بالصريح في الجملة الثانية الصريح الرجعي فقط وقوله إلا أن يدعي الفرق الخ قد علمت مما قررناه أولا عدم الفرق فإنه لا شبهة فيه لذي فهم والله سبحانه أعلم .
قوله ( إذا أمكن الخ ) قيد في عدم لحاق البائن البائن ومحترزه ما أفاده بقوله بخلاف أبنتك بأخرى الخ ط .
قال في البحر وينبغي أنه إذا أبانها ثم قال لها أنت بائن ناويا طلقة ثانية أو تقع للثانية بنيته لأنه ينبته لا يصلح خبرا فهو كما لو قال أبنتك بأخرى إلا أن يقال إن الوقوع إنما هو بلفظ صالح له وهو أخرى بخلاف مجرد النية اه .
وفيه أن اللفظ الثاني صالح ولو أبدل صالح بمعين له لكن أظهر ط .
أقول ويدفع البحث من أصله تعبيرهم بالإمكان وبأنه لا حاجة إلى جعله إنشاء متى أمكن جعله خبرا عن الأول لأنه صادق بقوله أنت بائن على أن البائن لا يقع إلا بالنية فقولهم البائن لا يلحق البائن لا شك أن المراد به البائن المنوي إذ غير المنوي لا يقع به شيء أصلا ولم يشترطوا أن ينوي به الطلاق الأول .
فعلم أن قولهم إذا أمكن الخ احتراز عما إذا لم يمكن جعله خبرا كما في أبنتك بأخرى لا عما إذا نوى به طلاقا