ولا يقال إنه إذا اختلف الإفتاء لا يعدل عن ظاهر الرواية لأن ذلك فيما لا يكون مبنيا على اختلاف الزمان كما أفاده كلام الولوالجية وقول البحر فجعله الخ فإن الاستئجار على الطاعات كالتعليم ونحوه لم يقل بجوازه الإمام ولا صاحباه .
وأفتى به المشايخ للضرورة التي لو كانت في زمان الإمام لقال به فيكون ذلك مذهبه حكما كما أوضحت ذلك في شرح أرجوزتي المنظومة في رسم المفتي فافهم .
قوله ( وجزم به البزازي ) كذا في النهر مع أن الذي حط عليه كلام البزازي تفويض الأمر إلى المفتي فإنه قال وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك لأن الغريب يؤذي ويتضرر لفساد الزمان ما أذل الغريب ما أشقاه كل يوم يهنه من يراه كذا اختار الفقيه وبه يفتى .
وقال القاضي قول الله تعالى ! < أسكنوهن من حيث سكنتم > ! سورة الطلاق الآية 6 أولى من قول الفقيه قبل قوله تعالى ! < ولا تضاروهن > ! سورة الطلاق الآية 6 في آخره دليل قول الفقيه .
لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارة قطعية في الاغتراب بها .
واختار في الفصول قول القاضي فيفتى بما يقع عنده من المضارة وعدمها لأن المفتي إنما يفتني بحسب ما يقع عنده من المصلحة اه .
فقوله فيفتى الخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسؤول عن الحادثة وأنه لا ينبغي طرد الإفتاء بواحد من القولين على الإطلاق فقد يكون الزوج غير مأمون عليها يريد نقلها من بين أهلها ليؤذيها أو يأخذ مالها بل نقل بعضهم أن رجلا سافر بزوجته وادعى أنها أمته وباعها فمن علم منه المفتي شيئا من ذلك لا يحل له أن يفتيه بظاهر الرواية لأنا نعلم يقينا أن الإمام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة .
وقد يتفق تزوج غريب امرأة غريبة في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها بل قد يريد نقلها إلى بلدها فكيف يجوز العدول عن ظاهر الرواية في الصورة والحال أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه بل وجد الضرر للزوج دونها فنعلم يقينا أيضا أن من أفتى بخلاف ظاهر الرواية لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حج وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت فتعين تفويض الأمر إلى المفتي وليس هذا خاصا بهذه المسألة بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في البلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك ومن أراد الاطلاع على أزيد من ذلك فلينظر في رسالتنا المسماة ( نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف ) التي شرحت بها بيتا من أرجوزتي في رسم المفتي وهو قولي والعرف في الشرع له عتبار لذا عليه الحكم قد يدار قوله ( وفي الفصول الخ ) قد علمت أن هذا اختيار صاحب البزازية وأن ما في الفصول غيره .
قوله ( وقيده ) الضمير يعود إلى النقل المفهوم من قوله وينقلها وكذا الضمير في قوله وأطلقه وقوله يمكنه الرجوع الأولى يمكنها .
وفي الشرنبلالية وينبغي العمل بالقول بعدم نقلها من المصر إلى القرية في زماننا لما هو ظاهر من فساد الزمان والقول بنقلها إلى القرية ضعيف لقول الاختيار وقيل يسافر بها إلى قرى المصر القريبة لأنها ليست