إلا أن يقال إن الأعمال تقع للعام هنا أيضا كما هو مقتضى إطلاق عبارة الفتح وقاضيخان وغيرهما ولكن يسقط بها الفرض عن الميت فضلا من الله تعالى عملا بالنص وهو حديث الخثعمية وإن خالف القياس ولذا علقه أبو حنيفة بالمشيئة ويسقط بها الفرض عن الفاعل أيضا أخذا من الأحاديث المذكورة ولذا كان الوارث مخالفا لحكم الأجنبي في ذلك .
فإن قلت ما مر من تعليل جواز حج الوارث بوجود الأمر دلالة يقتضي وقوع الأعمال عن الميت لأنه لو أمره صريحا وقعت عنه بلا شبهة فخالف ما اقتضاه إطلاق الفتح وغيره .
وحينئذ فلا يمكن سقوط فرض العامل بذلك أيضا .
قلت قد علمت أن الأمر دلالة ليس كالأمر صريحا من كل وجه ولذا صح تعيين أحد أبويه بعد الإبهام ولو أمره صريحا لم يصح كالأجنبيين كما قدمنا فلو اقتضى الأمر دلالة وقوع الأعمال عن الميت لم يصح التعيين فقلنا بوقوع الأعمال للعامل وكذا فيسقط فرضه بها وكذا يسقط فرض الأب أو الأم عملا بالأحاديث المذكورة والله أعلم .
هذا غاية ما وصل إليه فهمي القاصر في تحرير هذه المواضع المشكلة التي لم أر من أوضحها هذا الإيضاح ولله الحمد .
قوله ( وفي الحديث ) كلامه يوهم أن هذا الحديث واحد مع أنه مأخوذ من حديثين كما علمت مع تغيير بعض اللفظ بناء على الصحيح من جواز رواية الحديث بالمعنى للعارف اه ح .
قوله ( لا غير ) أي لا غير دم الإحصار من باقي الدماء الثلاثة وهو ذم الشكر في القران والتمتع ودم الجناية .
قوله ( على الآمر ) هذا عندهما وعليه المتون وعند أبي يوسف على المأمور .
قوله ( قيل من الثلث ) لأن الوصية بالحج تنفذ من الثلث وهذا من توابع الوصية وقيل من الكل لأنه دين وجب حقا للمأمور على الميت فيقضى من جميع ماله كما لو أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه فباعه الوصي وضاع الثمن من يده ثم استحق العبد فإن المشتري يرجع بالثمن على الوصي ويرجع الوصي في قول أبي حنيفة الأخير في جميع التركة من شرح الجامع لقاضيخان واستوجه ط الأول والرحمتي الثاني .
قوله ( ثم إن فاته الخ ) أي فات المأمور المعلوم من المقام وأطلق الفوات فشمل ما يكون بسبب الإحصار وغيره فإن الإحصار يمكن أن يكون بتقصير منه كأن تناول دواء ممرضا قصدا حتى أحصره .
أفاده ح .
هذا وقد صرحوا بأن عليه الحج من قابل بمال نفسه كفائت الحج كما في البحر .
ثم قال ولم يصرحوا بأنه في الإحصار والفوات إذا قضى الحج هل يكون عن الآمر أو يقع المأمور وإذا كان للآمر فهل يجبر على الحج من قابل بمال نفسه اه .
أقول قال في البدائع فإن فاته الحج يصنع ما يصنعه فائت الحج بعد شروعه ولا يضمن النفقة لأنه فاته بغير صنعه وعليه في نفسه الحج من قابل لأن الحجة قد وجبت عليه بالشروع فلزمه قضاؤها وهذا على قول محمد ظاهر لأن الحج عنده يقع عن الحاج اه .
ونقله في النهر عن السراج ثم قال وعلى قول غير محمد من أنه يقع عن الآمر ينبغي أن يكون القضاء عن الآمر وتلزمه النفقة اه .
ويؤيده أنه صرح في اللباببأنه إن فاته بآفة سماوية لم يضمن ويستأنف الحج عن الميت أي بناء على قول غير محمد .
فعلم أن على قول محمد عليه الحج عن نفسه وعلى قول غيره عن الميت .
وظاهره أنه يجب عليه من ماله لكن في التاترخانية عن المنتقى قال محمد