ولم يتحقق ذلك لأنه يمكنه التعيين إلا إذا شرع في الأعمال ولو شوطا لأن الأعمال لا تقع لغير معين فتقع عنه ثم لا يمكنه تحويلها إلى غيره وإنما له تحويل الثواب فقط ولولا النص لم يتحول الثواب أيضا .
وفي الصورة الثالثة لا خفاء أنه ليس فيها مخالفة لأحد الآمرين ولا تعذر التعيين ولا تقع عن نفسه لما قدمناه .
وأما الرابعة فأظهر الكل .
اه ما في الفتح ملخصا .
وأنت خبير بأن ما قرره في الصورة الثانية صريح في أنه إذا شرع في الأعمال قبل تعيين أحد الآمرين وقعت الحجة عن نفسه لتحقق المخالفة والعجز عن التعيين وكذا تقع عن نفسه بالأولى في الصورة الأولى .
والظاهر أنها تجزئه عن حجة الإسلام لأنها تصح بالتعيين وبالإطلاق بخلاف ما لو نوى بها النفل والمأمور إن كان صرفها عن نفسه بجعلها للآمرين أو لأحدهما لكن لما تحققت المخالفة بطل ذلك الصرف وإلا لم تقع عن نفسه أصلا فيكون حينئذ كما لو أحرم عن نفسه ابتداء ولم ينو النفل فتقع عن حجة الإسلام ولذا قال في الفتح أيضا فيما لو أمره بالحج فقرن معه عمرة لنفسه لا يجوز ويضمن اتفاقا .
ثم قال ولا تقع عن حجة الإسلام عن نفسه لأن أقل ما تقع بإطلاق النية وهو قد صرفها عنه في النية وفي نظر .
اه .
كلامه .
والظاهر أن وجه النظر ما قررناه من أنه حيث تحققت المخالفة ووقعت عن نفسه بطل صرف النية فتجزئه عن حجة الإسلام فقوله في البحر فيما مر تقع عن المأمور نفلا ولا تجزئه عن حجة الإسلام فيه نظر وقد صرح الباقاني في شرح الملتقى وتبعه الشارح في شرحه عليه أيضا بأنه يخرج بها عن حجة الإسلام فهذا ما تحرر لي فافهم والسلام .
قوله ( بخلاف ما لو أهل الخ ) مرتبط بقوله ومن حج عن آمريه وقوله جاز جملة مستأنفة لبيان جهة المخالفة بين المسألتين فإنه في الأولى لا يجوز والثانية بخلافها لكن الجواز هنا مشروط بما إذا لم يأمره بالحج وقوله عن أبويه أو غيرهما تنبيه على أن ذكر الأبوين في الكنز وغيره ليس بقيد احترازي وإنما فائدته الإشارة إلى أن الولد يندب له ذلك جدا كما في النهر وبه علم أن التقييد بالأبوين في هذه المسألة لا يدل على أن المراد بالآمرين في التي قبلها الأجنبيان بل الأبوان إذا أمراه فحكمهما كالأجنبيين كما قدمناه عن الفتح فظهر أنه لا فرق بين الأبوين والأجنبيين في المسألتين وإنما العبرة للأمر وعدمه أي صريحا كما يظهر قريبا فإذا أحرم بحجة عن اثنين أمره كل منهما بأن يحج عنه وقع عنه ولا يقدر على جعله لأحدهما وإن أحرم عنهما بغير أمرهما صح جعله لأحدهما أو لكل منهما وكذا لو أحرم عن أحدهما مبهما يصح تعيينه بعد ذلك بالأولى كما في الفتح قال ومبناه على أن نيته لهما تلغو لعدم الأمر فهو متبرع فتقع الأعمال عنه البتة .
وإنما يجعل لهما الثواب وترتبه بعد الأداء فتلغو نيته قبله فيصح جعله بعد ذلك لأحدهما أو لهما .
ولا أشكال في ذلك إذ كان متنفلا عنهما فإن كان على أحدهما حج الفرض وأوصى به لا يسقط عنه بتبرع الوارث عنه بمال نفسه وإن لم يوص به فتبرع الوارث عوه بالإحجاج أو الحج بنفسه قال أبو حنيفة يجزيه إن شاء الله تعالى لقوله للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين الحديث انتهى .
وبهذا ظهر فائدة أخرى للتقييد بالأبوين في هذه المسألة وهي سقوط الفرض عن الذي عينه له بعد الإبهام لو بدون وصية لكن يشكل عليه أنه إذا لغت نيته لهما لعدم الأمر ووقعت الأعمال عنه البتة كيف يصح تحويلها إلى أحدهما وقد مر أن الحج إذا وقع عن المأمور لا يمكن تحويله بعد ذلك إلى الآمر نعم يمكن تحويل الثواب فقط للنص كما مر ولهذا والله أعلم قال في الفتح ولا إشكال في ذلك إذا كان متنفلا عنهما أي لأن غاية حال المتنفل أن يجعل ثواب عمله لغيره وهو صحيح .
أما وقوع عمله عن فرض الغير بغير أمره فهو مشكل .
والجواب ما مر في كلام الشارح من أن