بخلاف نحو الصوم فإنه في اللغة مطلق الإمساك فخصصوه بكونه إمساكا عن المفطرات بنية من الليل .
وكذا في الزكاة في اللغة الطهارة وتزكية الشيء تطهيره .
وتزكية المال المسماة زكاة شرعا تمليك جزء منه فإنه طهارة له لقوله تعالى ! < تطهرهم وتزكيهم بها > ! التوبة 103 فهي تطهير مخصوص بفعل مخصوص وهو التمليك فلهذا جعل القصد أصلا في تعريف الحج شرعا دون غيره وإن كان القصد شرطا في الكل وكذا جعل أصلا في تعريف التيمم فإنه في اللغة مطلق القصد .
وعرفوه شرعا بأنه قصد الصعيد الطاهر على وجه مخصوص وهو الضربتان فهو قصد مقترن بفعل فلم يخرج عن كونه اسما لفعل العبد وهذا معنى قول الزيلعي جعل الحج اسما لقصد خاص مع زيادة وصف كالتيمم اسم لمطلق القصد ثم جعل في الشرع اسما لقصد خاص زيادة وصف اه .
هذا ما ظهر لي في تحقق هذا المحل .
قوله ( سابقا ) أي على الوقوف والطواف أما كونه من الميقات فواجب ط .
قوله ( لعذر ) إما لأن الآية نزلت بعد فوات الوقت أو لخوف من المشركين على أهل المدينة أو خوفه على نفسه أو كره مخالطة المشركين في نسكهم إذ كان لهم عهد في ذلك الوقت .
زيلعي .
وقدم الأول لما في حاشيته للشلبي عن الهدي لابن القيم أن الصحيح أن الحج فرض في أواخر سنة تسع .
وأن آية فرضه هي قوله تعالى ! < ولله على الناس حج البيت > ! آل عمران 97 وهي نزلت عام الوفود أواخر سنة تسع وأنه لم يؤخر الحج بعد فرضه عاما واحدا وهذا هو اللائق بهديه وحاله وليس بيد من ادعى تقدم فرض الحج سنة ست أو سبع أوثمان أو تسع دليل واحد وغاية ما احتج به من قال سنة ست أن فيها نزل قوله تعالى ! < وأتموا الحج والعمرة لله > ! البقرة 196 وهذا ليس فيه ابتداء فرض الحج وإنما فيه الأمر بإتمامه إذا شرع فيه فأين هذا من وجوب ابتدائه اه .
قوله ( مع علمه الخ ) جواب آخر غير متوقف على وجود العذر .
وحاصله أن وجوبه على الفور للاحتياط فإن في تأخيره تعريضا للفوات وهو منتف في حقه لأنه كان يعلم بقاء حياته إلى أن يعلم الناس مناسكهم تكميلا للتبليغ لقوله تعالى ! < لقد صدق الله رسوله الرؤيا > ! الآية فهذا أرقى في التعليل ولذا جعل الأول تابعا له فهو كقولك أكرم زيدا لأنه محسن إليك مع أنه أبوك .
قوله ( لأن سببه البيت ) بدليل الإضافة في قوله تعالى ! < ولله على الناس حج البيت > ! آل عمران 97 فإن الأصل إضافة الأحكام إلى أسبابها كما تقرر في الأصول ولا يتكرر الواجب إذا لم يتكرر سببه ولحديث مسلم يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله اه فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم قال في النهر والآية وإن كانت كافية في الاستدلال على نفي التكرار لأن الأمر لا يحتمله إلا أن إثبات النفي بمقتضى النفي أولى .
قوله ( وقد يجب ) أي الحج وهذا عطف على قوله فرض .
قوله ( كما إذا جاوز الميقات بلا إحرام ) أي فإنه يجب عليه أن يعود إلى الميقات ويلبي منه وكذا يجب عليه قبل المجاوزة .
قال في الهداية ثم الآفاقي إذا انتهى إلى المواقيت على قصد دخول مكة عليه أن يحرم قصد الحج أو العمرة عندنا أو لم يقصد لقوله لا يجاوز أحد الميقات إلا محرما ولو لتجارة ولأن وجوب الإحرام لتعظيم هذه البقعة الشريفة فيستوي فيه التاجر والمعتمر وغيرهما اه .
قال ح فتحصل من هذا أن الحج والعمرة لا يكونان نفلا من الآفاقي وإنما يكونان نفلا من البستاني والحرمي اه .