عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم وكان يقسم الغنائم بين أصحابه والحاجة داعية إلى ذلك ليتمكن كل واحد من الشركاء من التصرف على حسب اختياره ويتخلص من سوء المشاركة وكثرة الأيدي ( وهي ) أي القسمة ( نوعان أحدهما قسمة تراض لا تجوز إلا برضا الشركاء كلهم وهي ما فيها ضرر أورد عوض من أحدهما ) على الآخر ( كالدور الصغار والحمام والطاحون الصغيرين والعضائد الملاصقة أي المتصلة صفا واحدا وهي ) أي العضائد ( الدكاكين اللطاف الضيقة ) وقال في المبدع واحدتها عضادة وهي ما يصنع لجريان الماء فيه من السواقي ذوات الكتفين ومنه عضادتا الباب وهما جنباه من جنبيه ( فإن طلب أحدهما ) أي أحد الشريكين ( قسمة بعضها في بعض ) أي أن يجعل بعضها في مقابلة بعض ( لم يجبر الآخر لأن كل واحد منهما منفرد ويقصد بالسكن ولكل واحد منها طريق مفرد ) وكل عين منها تختص باسم وصورة ولو بيعت إحداهما لم تجب الشفعة لمالك التي تجاهها فيجري ذلك مجرى الدور المتجاورة فلا يمكن قسمة كل عين مفردة ( وكذا الشجر المفرد والأرض التي ببعضها بئر أو بناء أو نحوه ) أي ونحو ما ذكر فتعتبر كل عين منها على حدتها ( و ) حيث ( لا يمكن قسمته بالأجزاء والتعديل ) لا يقسم بغير رضا الشركاء كلهم ( فإن قسموه أعيانا برضاهم بالقيمة جاز ) لأن الحق لا يعدوهم ( وحكمها ) أي قسمة التراضي ( كبيع ) لأن صاحب الزائد بذل المال عوضا عما حصل له من حق شريكه وهذا هو البيع ( قال المجد الذي تحرر عندي فيما فيه رد أنه بيع فيما يقابل الرد ) أي العوض الذي رد من أحدهما على الآخر ( وإفراز في الباقي انتهى ) .
ويؤيده قول القاضي في التعليق وصاحب المبهج والموفق في الكافي البيع ما فيه رد عوض وإن لم يكن فيها رد عوض فهي إفراز النصيبين وتمييز الحصص وليست بيعا واختاره الشيخ تقي الدين ( فلا يجوز فيها ) أي قسمة التراضي ( ما لا يجوز في البيع ) لأنها نوع من أنواعه ( ولا يجبر عليها الممتنع ) منهما لحديث ابن عباس مرفوعا لا ضرر ولا ضرار رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني قال الثوري حديث حسن وله طريق يقوي بعضها بعضا ولأنه إتلاف وسفه يستحق به الحجر أشبه هدم البناء وعلم من قوله ولا يمكن قسمه بالأجزاء والتقدير أنه لو أمكن قسمه بالأجزاء مثل أن تكون البئر واسعة يمكن أن يجعل نصفها لواحد ونصفها للآخر ويجعل بينهما حاجز في أعلاها أو يكون البناء كبيرا يمكن أن يجعل لكل واحد منهما