الخمر وسرق ولم يكن محصنا ( استوفيت كلها ) قال في المبدع بغير خلاف علمناه لأن التداخل إنما هو في الجنس الواحد فلو سرق وأخذ المال في المحاربة قطع لذلك ويدخل فيه القطع في السرقة لأن محل القطعين واحد ( ويجب الابتداء بالأخف فالأخف فإذا شرب ) الخمر ( وزنا ) وهو غير محصن ( وسرق حد للشرب ) لأنه أخف ( ثم للزنا ثم قطع ) للسرقة ولا يوالي بين هذه الحدود لأنه ربما يفضي إلى التلف ( ولو بدأ بغير الأخف وقع الموقع ) لحصول المقصود وهو الزجر ( وتستوفى حقوق الآدميين كلها ) سواء كان فيها قتل أو لم يكن لأن حق الآدمي مبني على الشح والضيق ( ويبدأ بغير قتل ) لأن البداءة به تفوت استيفاء باقي الحقوق .
فيبدأ ( بالأخف فالأخف منها وجوبا ) لحقوق الله تعالى ( فيحد للقذف ثم يقطع لغير السرقة ) لأن القطع للسرقة حق الله تعالى ( ثم يقتل فإن اجتمعت ) أي حدود الآدمي ( مع حدود الله تعالى ولم يتفقا ) أي الحدان ( في محل واحد بدأ بها ) أي بحدود الآدمي لأنها مبنية على الشح والضيق ( و ) يبدأ ( بالأخف فالأخف وجوبا ) كما لو انفردت ( فإن لم يكن فيها قتل استوفيت كلها ولا يتداخل القذف والشرب ) لاختلاف جنسيهما ( فإذا زنا ) غير محصن ( وشرب ) الخمر ( وقذف ) محصنا ( وقطع يدا ) عمدا عدوانا من مكافىء ( قطعت يده ) قصاصا ( أولا ) لأن ذلك محض حق آدمي فقدم بخلاف القذف فإنه مختلف فيه هل هو حق لله أو لآدمي ( ثم حد القذف ) لأن الصحيح أنه حق آدمي ( ثم ) حد ( الشرب ) لأنه أخف من الزنا ( ثم ) حد ( الزنا فقدموا ) أي الأصحاب ( هنا القطع على حد القذف وهو ) أي حد القذف ( أخف من القطع ) لأن القطع محض حق آدمي بخلاف حد القذف كما أشار إليه في تصحيح الفروع ( وإن كان فيها ) أي الحدود ( قتل فإن حدود الله ) تعالى ( تدخل في القتل سواء كان القتل من حدود الله ) تعالى ( كالرجم في الزنا والقتل في المحاربة و ) القتل ( للردة أو حق آدمي ) محض ( كالقصاص ) فإنه محض حق آدمي بخلاف القتل في المحاربة فإنه لم يتمحض للآدمي لأن تحتمه حق الله وهو مراده فيما مر .
وأما حقوق الآدميين فتستوفى كلها ( ثم إن كان القتل حقا لله ) تعالى ( استوفيت الحقوق كلها متوالية من غير انتظار برء الأول فالأول لأنه لا بد من فوات نفسه ) أي المحدود فلا فائدة في الانتظار ( وإن كان القتل حقا لآدمي ) كالقصاص ( انتظر باستيفاء ) الحد ( الثاني برؤه من الأول ) لأن فوات نفسه ليس محققا لأنه قد يعفو ولي القصاص عنه ( وإن اتفق حق الله