كمن يولى أو يوكل من يعلم أنه يظلم ويأمره بعدم الظلم ليس له أن يوليه ولأنه يلزم العدل في هذا الظلم لأن النفوس لاترضى بالتخصيص ولأنه يفضي إلى أخذ الجميع من الضعفاء ولأنه لو احتاج المسلمون إلى جمع مال لدفع عدو كافر لزم القادر الاشتراك فها هنا أولى فمن تغيب أو امتنع وأخذ من غيره حصته رجع على من أدى عنه في الأظهر إلا أن ينوي تبرعا ولا شبهة على الآخذ في الأخذ كسائر الواجبات كعامل الزكاة وناظر الوقف والوصي والمضارب والشريك والوكيل وسائر من تصرف تغيره بولاية أو وكالة إذا طلب منه حصة ما ينوب ذلك المال من الكلف فإن لهم أن يؤدوا ذلك من المال بل إن كان لم يؤدوه أخذ الظلمة أكثر وجب لأنه من حفظ المال ولو قدر غيبة المال فاقترضوا عليه وأدوا من مالهم رجعوا به وعلى هذا العمل .
ومن لم يقل به لزم من الفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد قال وغاية هذا أن يشبه بغصب المشاع فالغاصب إذا قبض من المشترك نصيب أحد الشريكين كان ذلك من مال ذلك الشريك في الأظهر وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما ولو أقر أحد الابنين بأخ وكذبه أخوه لزم المقر أن يدفع إلى المقر به ما فضل عن حقه وهو السدس في مذهب مالك والشافعي وأحمد جعلوا ما غصبه الأخ المنكر من مال المقر به خاصة لأجل النية وكذا ها هنا إنما قبض الظالم عن ذلك المطلوب لم يقصد أخذ مال الدافع لكن قال أبو حنيفة في غصب المشاع ما قبضه الغاصب يكون منهما اعتبارا بصورة القبض ويكون النصف الذي غصبه الاخ المنكر منهما وهو قول في مذهب الشافعي وأحمد .
قال ومن صودر على مال فأكره أقاربه أو أصدقاؤه أو جيرانه أو شركاؤه على أن يؤدوا عنه فلهم الرجوع لأنهم ظلموا لأجله ولأجل ماله والطالب مقصوده ماله لا مالهم واحتج بقصة ابن اللتبية وقال فلما كانوا إنما أعطوه وأهدوا إليه لأجل ولايته جعل ذلك من جملة المال المستحق لأهل الصدقات لأنه بسبب أموالهم قبض ولم يخص به العامل فكذا ما قبض بسبب مال بعض الناس فعنها بحسب فكأنما أعطي لأجلها فهو مغنم ونماء لها لا لمن أخذه فما أخذ لأجلها فهو مغرم منها لا على من أعطاه وكذا من لم يخلص مال غيره من التلف إلا بما أدى عنه رجع به في أظهر قول العلماء وهو حسن وتأتي هذه المسائل في موضعها إن شاء الله تعالى