خلقا لله لا من جهة كونها فعلا للعبد قال وكثير من النساك والصوفية ومن أهل الكلام حيث رأوا أن الله خالق كل شيء وربه اعتقدوا أن ذلك يوجب الرضا والمحبة لكل ذلك حتى وقعوا في قول المشركين ! < لو شاء الله ما أشركنا > ! سورة الأنعام 148 وغفلوا عن كون الخالق نهى عن ذلك وأبغضه وسبب اشتباه مسألة الشرع والقدر ويتمسكون بالإجماع على الرضا بقضاء الله وهذا كلام مجمل يتمسك به القدرية المشركية .
وأما القدرية المجوسية فنفوا أن الله قدره وقضاه وإلا للزم الرضاء بكل مقضي به والرضاء بالكفر كفر بالإجماع قال والتحقيق أنه ليس في الكتاب والسنة نص يأمر فيه بالرضاء ولا قاله أحد من السلف وأما ما في كلام العلماء والآثار من الرضي بالقضاء فإنما أرادوا ما ليس من فعل العباد ولأنه إذا لم يجب الصبر على ذلك بل تجب إزالته بحسب الإمكان فالرضاء أولى .
ثم ذكر شيخنا أنه إذا نظر إلى إحداث الرب لذلك للحكمة التي يحبها ويرضاها رضي لله بما رضيه لنفسه فيرضاه ويحبه مفعولا مخلوفا لله ويبغضه ويكرهه فعلا للمذنب المخالف لأمر الله وهذا كما نقول فيما خلقه من الأجسام الخبيثة قال فمن فهم هذا الموضع انكشف له حقيقة هذا الأمر الذي حارت فيه العقول والله أعلم قال ابن الجوزي والصبر على العافية أشد لأنه لا يتم إلا بالقيام بحق الشكر .
قال ابن عقيل وغيره وتهون المصيبة بالنظر إلى جلال من صدرت عنه وحكمته وملكه وقال ابن الجوزي في قوله تعالى ! < ما أصاب من مصيبة في الأرض > ! سورة الحديد 22 أعلم أن من علم أن ما قضي لا بد أن يصيبه قل حزنه وفرحه قال إبراهيم الحربي اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يمش مع القدر لم يتهن بعيش وليعلم قوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وقوله عليه السلام الدنيا دار بلاء فمن ابتلي فليصبر ومن عوفي فليشكر وقوله أشد الناس بلاء