العلم ومنهم من يضم إلى ذلك البخل ومنهم من رضي بالدون في المعاش وأخسهم الكساح .
فأما علو الهمة في الفضائل فقوم يطلبون الرئاسة وكان أبو مسلم الخراساني علي الهمة في طلبها وكانت همته الرضاء في طلب الخلافة وكان المتنبي يصف عالي همته وما كانت إلا التكبر بما يحسنه من الشعر ومن الناس من يرى أن غاية المراتب الزهد فيطلبه ويفوته العلم فهذا مغبون لأن العلم أفضل من الزهد فقد رضي بنقص وهو لا يدري وسبب رضاه بالنقص قلة فهمه إذ لو فهم لعرف شرف العلم على الزهد .
ومنهم من يقول المقصود من العلم العمل وما يعلم هذا أن العلم عمل القلب وذاك أشرف من عمل الجوارح ومن طلبة العلم من تعلو همته إلى فن من العلوم فيقتصر عليه وهذا نقص فأما أرباب النهاية في علو الهمة فإنهم لا يرضون إلا بالغاية فهم يأخذون من كل فن من العلم مهمه ثم يجعلون جل اشتغالهم بالفقه لأنه سيد العلوم ثم ترقيهم الهمم العالية إلى معاملة الحق ومعرفته والأنس به وقليل ما هم هذا كلامه .
وقال الشافعي ليونس بن عبد الأعلى عليك بالفقه فإنه كالتفاح الشامي يحمل من عامه وأملى الشافعي على مصعب الزبيري أشعار هذيل ووقائعها وآدابها حفظا فقال له أين أنت بهذا الذهن عن الفقه فقال إياه أردت .
وقال أحمد عن الشافعي إنما كانت همته الفقه وقال أبو حنيفة ليس شيء أنفع من الفقه وقال محمد بن الحسن كان أبو حنيفة يحثنا على الفقه وينهانا عن الكلام .
وفي خطبة المحيط للحنفية أفضل العلوم عند الجمهور بعد معرفة أصل الدين وعلم اليقين معرفة الفقه وقال العقلاء ازدحام العلوم مضلة للفهوم .
وقال البخاري لأبي العباس الوليد بن إبراهيم وقد جاء إليه لأجل معرفة الحديث فقال له يا بني لا تدخل في أمر إلا بعد معرفة حدوده والوقوف على مقاديره فقلت له عرفني فقال اعلم أن الرجل لا يصير محدثا كاملا في حديث إلا بعد كذا وكذا وذكر أشياء كثيرة يطول ذكرها قال فهالني قوله قال وسكت متفكرا أو