المذموم فيتصور ذم ذات الدنيا فينقطع في الجبل ويقتصر على البلوط الكمثري أو اللبن أو العدس وإنما ينبغي لقاصد الحج أن يرفق بالناقة ليصل .
ثم ذكر بعض ما نقل عن أبي يزيد وداود الطائي وبشر وغيرهم فحلف أبو يزيد لا يشرب الماء سنة .
وكان داود يشرب الماء الحار من دن ويقول بشر أشتهي منذ خمسين سنة الشواء فما صفا لي درهمه وتكلم عليه بمقتضي الشرع وقال التقليد للأكابر أفسد العقائد ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال إنما ينبغي أن يتبع الدليل فإن أحمد بن حنبل أخذ في الجد بقول زيد بن ثابت وخالف أبا بكر الصديق رضي الله عنهم وقد قال علي عليه السلام اعرف الحق تعرف أهله .
وقد ذكر لأحمد بن حنبل كلمات عن إبراهيم بن أدهم فقال وقفنا في ثنيات الطريق عليك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتكلم أحمد في الحارث المحاسبي وبلغه عن سري السقطي أنه قال لما خلق الله تعالى الحروف وقف الألف وسجدت الباء .
فقال نفروا الناس عنه وكان الشافعي يرد على مالك وهذه طريقة المتزهدين لم يكن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا سلكوا ما رتبه أبو طالب المكي في الرياضة ثم ذكر أن هؤلاء المتزهدين إن رأوا عالما ثوبا جميلا أو تزوج مستحسنة أو ضحك عابوه .
وهذا في أوائل الصوفية فأما في زماننا فلا يعرفون التعبد ولا التقلل وقنعوا في إظهار الزهد بالقميص المرقع فما العجب في نفاقهم إنما العجب نفاقهم ثم ذكر أنهم يدخلون في قوله تعالى ! < سنستدرجهم من حيث لا يعلمون > ! الأعراف 182 .
وكيف لا يوصف بالاستدراجة من يعمل لثبوت الجاه بين الخلق ويمضى عمره في تربية رياسته ليقال هذا فلان أو في تحصيل شهواته الفانية مع سوء القصد وقال طلب الرياسة والتقدم بالعلم مهلكة لطالبي ذلك فترى أكثر المتفقهين يتشاغلون بالجدل ويكثر منهم رفع الأصوات في المساجد بذلك