@ 84 @ .
212 وعن ميمونة رضي الله عنها قالت : وضع للنبي ماء يغتسل به ، فأفرغ على يديه ، فغسلهما مرتين أو ثلاثاً ، ثم أفرغ بيمينه على شماله ، فغسل مذاكيره ، ثم دلك يده بالأرض ، ثم تمضمض واستنشق ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم غسل رأسه ثلاثاً ، ثم أفرغ على جسده ، ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه ، فناولته خرقة فلم يردها ، وجعل ينفض الماء بيده . .
واعلم أن مراد الخرقي بهذه الصفة صفة الكمال ، كما يدل عليه كلامه بعد ، وقد قال كثير من متأخري الأصحاب : إن الكمال بعشرة أشياء ، النية ، والتسمية ، وغسل يديه ثلاثاً ، وغسل ما به من أذى ، والوضوء ، ويحثي على رأسه ثلاث حثيات ، يروي بهن أصول الشعر ، ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثاً ، ويبدأ بشقه الأيمن ويدلك بدنه بيديه ، وينتقل من موضعه فيغسل قدميه . .
والخرقي رحمه الله نص من ذلك على أربعة ، وتقدم له غسل يديه إذا قام من نوم الليل ، إدخالهما الإِناء ثلاثاً ، وتقدم التنبيه على أنه لا فرق في أصل المسنونية بين نوم الليل ونوم النهار ، وغير ذلك ، وهذه الخمسة هي التي في الحديثين ، ويأتي له النية والكلام عليها ، وإنما لم تذكر في الحديثين لأن متعلقها القصد ، وعائشة وميمونة رضي الله عنهما إنما حكيا ما شاهداه من أفعاله . .
وقد يؤخذ من كلام الخرقي البداءة بشقه الأيمن قبل الأيسر من قوله ثم : وغسل الميامين قبل المياسر ، وفي بعض روايات حديث عائشة المتقدم أنه بدأ بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم أخذ بكفيه ، فقال بهما على رأسه ، وأما التسمية ، والدلك فلم يتعرض الخرقي لهما نظراً للحديثين ، وكذلك غسل قدميه أخيراً اعتماداً على حديث عائشة ، وإنما استحب الأصحاب التسمية . .
213 لعموم ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أجزم ) الحديث ، وقياساً لإِحدى الطهارتين على الأخرى ، أو نقول : الكبرى صغرى وزيادة . اه . .
والدلك لأنه أحوط ، وأعون على إيصال الماء إلى جميع البشرة ، وخروجاً من الخلال ، إذ [ قد ] أوجبه بعض العلماء ، مع أن كلام أحمد قد يحتمله ، قال أبو داود : سأل رجل أحمد رحمه الله عن إمرار اليد ، فقال : إذا اغتسل بماء بارد في الشناء أمر يده ، لأن الماء ينزلق عن البدن في الشتاء ، لكن تعليله يقتضي المسنونية . .
214 ويدل على المسنونية المبالغة في إيصلل الماء إلى جميع البشرة في الجملة ما روي عن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : ( من ترك موضع [ شعرة ] من جنابة لم يصبها الماء فعل الله بذه كذا وكذا من النار ) قال علي : فمن