@ 154 @ واستثنى منها درهماً ونحو ذلك فإنه يصح بلا نزاع ، ويكون مقراً بالباقي بعد المستثنى ، لورود ذلك في الكتاب ، والسنة ، وكلام العرب ، قال سبحانه : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً } . .
2081 وقال النبي في الشهيد : ( تكفر عنه خطاياه كلها إلا الدين ) ويدخل في كلام الخرقي ما إذا أقر بنوع من جنس ، واستثنى نوعاً آخر ، كأن أقر بتمر برني ، واستثنى تمراً معقلياً ، ونحو ذلك ، وهو أحد احتمالي [ المغني ، والإِحتمال الآخر وهو الصحيح عند ] أبي محمد لا يصح ، لعدم دخول المعقلي في البرني ، وإن أقر بشيء واستثنى من غير جنسه ، فلا يخلو إما أن يكون ذلك في الدراهم والدنانير ، أو في غيرهما ، فإن كان في غيرهما كأن أقر بدراهم واستثنى منها ثوباً ، أو بثياب واستثنى منها دراهم ، أو بتمر واستثنى منه براً ، ونحو ذلك فالمذهب المعروف المشهور أنه لا يصح ، لأن الإِستثناء إما إخراج بعض ما يتناوله اللفظ ، أو ما يصلح أن يتناوله اللفظ ، مأخوذ من قولهم : ثنيت فلاناً عن رأيه . إذا صرفته عن رأي كان عازماً عليه ، وأحد الجنسين لا يتناوله الآخر ، ولا يصح أن يتناوله إلا على سبيل المجاز ، والأصل الحقيقة ، وعن أبي الخطاب صحة ذلك ، بناء على جواز استثناء أحد النقدين من الآخر . انتهى . .
وإن كان ذلك في الدراهم والدنانير مثل أن أقر بمائة درهم ، واستثنى منها ديناراً ، أو بدينار واستثنى منه خمسة دراهم ففيه روايتان ( إحداهما ) لا يصح ، اختارها أبو بكر ، لما تقدم ، ( والثانية ) يصح ، اختارها الخرقي ، لأنهما في معنى الجنس الواحد ، لأن قدر أحدهما معلوم من الآخر ، فإذا قال : له علي مائة درهم إلا ديناراً فمعناه إلا عشرين درهماً ، ويعبر بأحدهما عن الآخر ، فمعنى : له عليّ دينار إلا درهمين ، له على عشرون درهماً إلا درهمين . إذ الدينار يعبر به عن عشرين درهماً ، ومهما أمكن حمل الكلام على وجه صحيح حمل عليه ، فعلى هذا يرجع في تفسير الدينار إلى المقر إن لم يكن للدينار بالبلد سعر معلوم ، وإن كان له سعر فهل يرجع إلى سعره ، أو إلى التفسير ؟ فيه قولان ، قال أبو محمد : ويمكن حمل الروايتين على اختلاف حالين ، فالموضع الذي قال بالصحة فيه ، إذا عبر بأحدهما عن الآخر ، أو علم قدره منه ، والموضع الذي قال بالبطلان فيه ، إذا انتفى ذلك ، والله أعلم . .
قال : ومن ادعي عليه شيء فقال : قد كان ذلك وقضيته . لم يكن ذلك إقراراً . .
ش : هذا منصوص أحمد في رواية جماعة ، وجزم به الجمهور ، كالشريف ، وأبي الخطاب ، والشيرازي ، وشيخهم ، وقال : لم أجد رواية بغير هذا ، وذلك لأن الكلام بآخره ، والذي تضمنه مجموع كلامه أنه لا شيء له عليه ، لأن الاستصحاب إنما يعمل عمله إذا لم يرد ما يخالفه . .
وعن أحمد رواية أخرى اختارها أبو الخطاب ، أنه يكون مقراً مدعياً للقضاء ، ولا يقبل قوله في دعوى القضاء إلا ببينة . إذ كلامه انطوى على جملتين ، إحداهما : كان له عليّ ألف . والثانية ) وقضيته . فيقبل قوله فيما عليه ، ولا يقبل قوله فيما له إلا ببينة . .
وعنه رواية ثالثة ، حكاها أبو البركات : أن هذا ليس بجواب صحيح ، فيطالب برد الجواب ، إذ إقراره الأول يناقضه دعوى القضاء ثانياً ، وإذا تناقضا تساقطا ، ولو قال : له عليّ ألف وقضيته . ولم يقل ( كان ) ففيه الروايتان الأولتان ، وثالثة أنه مقر بالحق ، مكذب لنفسه في الوفاء ، فلا يسمع منه ، وإن أتى ببينة ، لأن : له عليّ ألف . يقتضي بقاءها في ذمته ، ودعوى القضاء تناقض ذلك ، ولو قال : كان له عليّ ألف . ولم يقل : وقضيته . فهو إقرار ، وخرج عدمه ، والله أعلم .