@ 151 @ مع البينة فإن قوله يقبل على الآمر ، وينتفي عنه الضمان ، لعدم تفريطه ، ولا فرق بين أن تكون البينة قائمة ، أو غائبة ، أو ميتة ، إذا كانت على حال لو وجدت قبلت ، نعم لو كانت ممن اختلف في ثبوت الحق بشهادتها كشاهد واحد ، أو رجل وامرأتين فهل يبرأ من الضمان ؟ قال أبو محمد : يخرج على روايتين . .
وقول الخرقي : ولو وكله أن يدفع إلى رجل مالًا . يشمل الدف على أي صفة كان ، فدخل في كلامه ما لو أمره بالإِيداع ، والأصحاب على أنه في الإِيداع لا يلزمه الإِيداع إذا لم يشهد ، لعدم الفائدة في الإِشهاد ، إذ القول قول المودع في الرد والتلف ، ويرد بأن فيه فائدة ، وهو ثبوت الوديعة ، فلو مات أخذت من تركته . .
وقول الخرقي : لم يقبل قوله على الآمر . دل بطريق التنبيه أنه لا يقبل قوله على من أمر بالدفع إليه ، لأنه إذا لم يقبل قوله على من ائتمنه ، فعلى من لم يأتمنه أولى ، ومقتضى كلام الخرقي أن الآمر أنكر الوكيل ، وعلى هذا لو صدق الآمر الوكيل في الدفع فلا ضمان عليه ، وصرح القاضي وغيره من الأصحاب أنه لا فرق في تضمين الوكيل بين تصديق الآمر له أو تكذيبه ، لأن مناط الضمان كونه فرط ، حيث لم يشهد ، والله أعلم . .
قال : وشراء الوكيل من نفسه غير جائز . .
ش : هذا هو المشهور من الروايات ، اختارها الخرقي ، والشريف ، وأبو الخطاب ، وابن عقيل ، وغير واحد ، للتهمة ، إذ الإِنسان طبع على طلب الحظ لنفسه ، ومقتضى الوكالة طلب الحظ للموكل ، فيتنافى الغرضان ، أو أن مقتضى الإِذن في البيع أن يبيع من غيره ، لا من نفسه ، فكأنه قال : بع هذا ولا تبع من نفسك . ( والرواية الثانية ) : يجوز ، بشرط أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء ، لانتفاء التهمة غالباً ، ويلزم على هذه الرواية أن يقول بجواز التوكيل للوكيل ، إما مطلقاً ، وإما مع وجود قرينة تدل على ذلك ( والرواية الثالثة ) : يجوز ، بشرط أن يوكل من يبيع ، ويكون هو أحد المشتركين ، معللًا بأنه لا يأخذ بإحدى يديه من الأخرى ( والرواية الرابعة ) : يجوز أن يشارك فيه ، لا أن يشتريه كله ، لانتفاء التهمة أو ضعفها إذاً ، وعلى الروايات كلها إذا أذن له في الشراء من نفسه جاز له الشراء بلا نزاع ، نعم على مقتضى تعليل أحمد في الرواية الثالثة لا يجوز ؛ لأنه يأخذ بإحدى يديه من الأخرى ، والله أعلم . .
قال : وكذلك الوصي . .
ش : حكم الوصي حكم الوكيل ، لا يجوز له الشراء من مال موليه إلا حيث يجوز للوكيل ، لاستوائهما معنى ، فاستويا حكماً ، إذ كل منهما متصرف على الغير ، والله أعلم . .
قال : وشراء الرجل لنفسه من مال ولده [ الطفل ] جائز ، وكذلك شراؤه له من نفسه .