@ 144 @ وعمله ، ( الثالث ) : شركة المضاربة ، وهي المذكورة في قوله : أن يشترك بدنان بمال أحدهما ، أو بدن ومال . والأصل فيها أن يكون من أحدهما المال ، ومن الآخر العمل فيه . .
2072 والأصل في جوازها ما روى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه ، أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرجا في جيش إلى العراق ، فتسلفا من أبي موسى مالًا وابتاعا به متاعاً ، وقدما به إلى المدينة فباعاه وربحا فيه ، فأراد عمر رأس المال والربح كله ، فقالا : لو تلف كان ضمانه علينا ، فلم لا يكون ربحه لنا . فقال رجل : يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً ؟ قال : قد جعلته . وأخذ منهما نصف الربح ، وهذا دليل على جواز القراض . .
2073 وقد روي جوازه أيضاً عن عثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وحكيم بن حزام ، ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة فكان إجماعاً ، مع أن ابن المنذر قد حكى ذلك إجماعاً ، وحكمة الشرع تقتضي جوازها . [ إذ الدراهم والدنانير لا تنمي إلا بالتجارة ، وقد يملكها من لا يخسن التجارة ، ويحسن التجارة من لا يملكها ، فالحكمة تقتضي جوازها من الجانبين ] ، وهي مأخوذة قيل من الضرب في الأرض ، وهو السفر فيها غالباً للتجارة ، قال سبحانه : { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } وقيل : بل من ضرب كل واحد منهما في الربح وتسمى قراضاً ، قيل : من القطع ، يقال : قرض الفأر الثوب . إذا قطعه ، فصاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها للعامل ، واقتطع له قطعة من الربح . وقيل : بل من المساواة والموازنة ، يقال : تقارض الشاعران ، إذا وازن كل واحد منهما الآخر بشعره ، وهنا من العامل العمل ، ومن الآخر المال فتوازنا . انتهى . .
وأما إذا اشترك بدنان بمال أحدهما فهذه مضاربة يشترط فيها عمل رب المال ، والذي ذكره الخرقي [ وهو ] منصوص أحمد في رواية أبي الحارث الجواز لأن من لا مال له يستحق المشروط له من الربح بعمله في مال غيره ، وهذا [ هو ] حقيقة المضاربة ، وذهب ابن حامد ، وتلميذه ، وتلميذ تلميذه القاضي ، وأبو الخطاب ، وطائفة إلى أن هذا لا يصح ، إذ وضع المضاربة تسليم المال إلى المضارب ، ومع اشتراط عمله لا تسليم وعلى هذا في اشتراط عمل غلامه وجهان ، ( المنع ) وهو قول القاضي ، إذ يد الغلام كيد السيد ( والجواز ) إذ هو مال فصح [ كما ] لو ضم إليه بهيمة يحمل عليها ونحو ذلك . .
( الرابع ) : شركة الوجوه ، وهي أن يشترك اثنان على أن يشتريا بجاههما ديناً ، وهي جائزة ، إذ معناها وكالة كل واحد منهما صاحبه في الشراء والبيع ، والكفالة بالثمن ، وكل ذلك صحيح ، ولأنها مشتملة على مصلحة من غير مضرة ، وأخذها أبو