@ 139 @ الحديث ، ومن هنا يتبين لك أن الرضى مسقط لرجوع المحتال على المحيل ، لا أنه شرط لصحة الحوالة ، إذ الحوالة تصح بدونه ، لكن لصحتها شروط ( أحدها ) : رضى المحيل اتفاقاً ، ( الثاني ) : تماثل الحقين ، وقد أشار الخرقي إلى ذلك ، والتماثل في الجنس ، كدراهم بدراهم ، وفي الصفة ، كناصرية بناصرية ، وفي الحلول أو التأجيل ، كحال بحال ، ومأجل بمؤجل ، بشرط اتفاق الأجلين فإن أحاله بناصرية على دمشقية أو بالعكس ، لم يصح عند أبي محمد ، وكذلك عند من ألحقها بالمعاوضة ، إذ اشترط التفاوت فيهما ممتنع كالقرض ، وأما من ألحقها بالاستيفاء فقال : إن كان تفاوتاً يجبر على أخذه عند بذله كالجيد عن الرديء صحت وإلا فلا ، ( الشرط الثالث ) أن يكون بمال معلوم كالمثليات لا بمالًا يصح السلم فيه كالجوهر ونحوه ، وفيما يصح السلم فيه غيل المثلي كالمذروع والمعدود وجهان ، وفي الحوالة بإبل الصدقة على من عليه مثلها وجهان ، وإن أحال بإبل الدية على إبل القرض صح إن قيل برد المثل في القرض ، وإن قيل برد القيمة لم يصح ، لاختلاف الجنس ، وفي العكس كأن أحال المقرض بإبل الدية لا يصح مطلقاً ، لأنا وإن قلنا يجب المثل فللمقرض مثل ما أقرض في صفته ، وقيمته [ ومن عليه الدية لا ] يلزمه ذلك ( الرابع ) الديون على أربعة أقسام ، دين سلم ، ودين كتابة ، وما عداهما وهو قسمان ، مستقر ، وغير مستقر ، كثمن المبيع في مدة الخيار ، [ ونحو ذلك ] ، فلا تصح الحوالة بدين السلم ، ولا عليه ، وهل يجري هذا الحكم على رأس ماله بعد الفسخ ؟ فيه وجهان ، وتصح بدين الكتابة الصحيح دون عليه ، ويصحان في سائر الديون ، مستقرها وغير مستقرها ، وقيل : لا تصح على غير مستقر بحال ، وإليه ذهب أبو محمد ، وجماعة من الأصحاب ، وقيل : ولا بما ليس بمستقر ، وهو اختيار القاضي في المجرد ، وتبعه أبو الخطاب والسامري ، والله أعلم . .
قال : ومن أحيل بحقه على ملئ فواجب عليه أن يحتال . .
ش : نص أحمد رحمه الله على ذلك ، اتباعاً لظاهر الأمر في الحديث ، وفسر المليء في رواية إسماعيل العجلي بأن يكون بماله ، وقوله ، وبدنه ، قلت : فالمال أن يقدر على الوفاء ، والقول أن لا يكون مماطلًا ، والبدن أن يمكن حضوره إلى مجلس الحكم ، هذا الذي يظهر لي في التفسير ، فإن امتنع من القبول أجبر على ذلك ، لكن هل تبرأ ذمة محيلة قيل أن يجبره الحاكم ؟ فيه روايتان ، ( إحداهما ) نعم ، فلو هلك المحال عليه معسراً فلا شيء له ، وهي التي صححها القاضي يعقوب . ( والثانية ) : لا ، لكن تنقطع المطالبة بمجرد الحوالة ، ويصير بمثابة من بذل ماعليه من دين ، فامتنع صاحبه من القبض ، فإن الحاكم يجبره على القبض ، ولا تبرأ ذمة الغريم قبل ذلك . .
وفهم من كلام الخرقي رحمه الله أنه لا يعتبر رضى المحتال ، ولا المحال عليه ، وهو الصحيح ، أما المحتال فللحديث ، وأما المحال عليه فلأن للإِنسان أن يستوفي حقه