@ 31 @ الجنس ، إحداهما أن العقد يبطل برده ، والثانية لا يبطل ، وبدله في مجلس الرد يقوم مقامه ، فمجرد وجود العيب من غير الجنس عندهما بعد التفرق لا يبطل قولاً واحداً ، عكس المذهب ، وليس بشيء ، فعلى ما اختاره أبو محمد وغيره إن وجد العيب في البعض فقبل التفرق يبدل ، وبعده يبطل فيه ، وفي غير المعيب قولاً تفريق الصفقة . .
واعلم أن كلام الأصحاب في هذه المسألة فيه اضطراب كثير ، وقد تقدم أن أبا العباس وهم جده فيها ، مع أن في توهيمه ما فيه ، وناهيك بهما ، وقد بالغت في تحريره على غاية الضعف وباللَّه المستعان . .
وقول الخرقي : وجد . أي ظهر ، فيخرج منه ما إذا علم حال العقد ، والحكم فيه أن العيب إن كان من الجنس فالعقد لازم ولا كلام . .
نعم إن كان الصرف في جنس ، والعيب في البعض ، فقد يبطله من يمنع بيع النوعين بنوع منه ، وإن كان العيب من غير الجنس والصرف في جنسين انبنى على إنفاق [ المغشوشة ] ، وفيه روايتان ، المختار منهما الجواز ، وأبو محمد يحمل رواية الجواز على ما ظهر غشه ، واصطلح عليه ورواية المنع على ما خفي غشه ، ويقع في اللبس ، ونحو ذلك قال ابن عقيل في الفصول . .
وإ كان الصرف في جنسين ، فإن كان العيب في أحد العوضين ، ويخل بالمماثلة ، ولا قيمة له ، لم يجز ، لإفضائه إلى عدم التماثل المشترط شرعاً ، وإن كان له قيمة خرج على مسألة مد عجوة ، وإن كان العيب في العوضين وتساوى العيبان فقولان ، أظهرهما عند أبي محمد الجواز ، وقطع ابن عقيل في الفصول ، والسامري بالمنع . .
ثم اعلم أنا قد ذكرنا أصلاً بنينا عليه ما تقدم ، وهو : أن النقود هل تتعين بالتعيين أم لا ؟ فنشير إلى بيان ذلك فنقول : المذهب المنصوص في رواية الجماعة ، والمعمول عليه عند الأصحاب كافة ، أن النقود تتعين بالتعيين كالعروض بالإتفاق ، لأن ذلك عوض مشار إليه في العقد ، فوجب أن يتعين كالعروض ، ولأن ما تعين في الغصب والوديعة تعين بالعقد كالعروض ، ومعنى تعين ذلك في الغصب أنه لو طولب بذلك لزمه تسليمه بعينه ، ولا يجوز العدول عنه . .
1869 ومما استدل به على ذلك أيضاً حديث عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه : سمعت رسول اللَّه ينهى عن بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عيناً بعين . ولو كان الذهب والفضة في الذمة لم يكن عيناً بعين ، وإنما يكون عيناً بعين إذا ملكت عين كل واحد منهما ، وفيه نظر ، إذ يلزم منه أن لا يباع الذهب بمثله إلا عيناً بعين ، وقد حكي الإجماع على خلافه ، والذي يظهر أن المراد من الحديث واللَّه أعلم حضور