@ 26 @ فقال أعطوني جزءاً بهذا العناق . فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه : لا يصلح هذا . رواه الشافعي ، وقال : لا أعلم مخالفاً لأبي بكر في ذلك . .
واختار القاضي فيما حكاه عنه أبو محمد الجواز ، لأنه مال ربوي بيع بغير أصله ولا جنسه فجاز ، كما لو باعه بذهب أو فضة ، وبعض المتأخرين بنى القولين على الخلاف في اللحم ، هل هو جنس من أجناس ، ؟ وصرح أبو الخطاب في الانتصار بأنهما على القول بأنه أجناس ، وهو الصواب ، ولهذا اختلف في بيع اللحم بحيوان لا يؤكل ، كعبد وحمار ونحوهما ، قال أبو الخطاب : ولا رواية في ذلك ، فيحتمل وجهين . والجواز صرح به في خلافه الصغير ، وكذا شيخه في التعليق ، وابن الزاغوني ، وهو ظاهر كلام أبي جعفر ، وشيخه في الجامع الصغير ، والمنع أورده ابن عقيل في التذكرة مذهباً ، وهو احتمال له في الفصول ، والصحيح عنده فيه كقول الأكثرين ، ولم يطلع أبو محمد على المسألة صريحاً ، فقال : ظاهر كلام الأصحاب الجواز . واللَّه أعلم . .
قال : وإذا اشترى ذهباً بورق عيناً بعين ، فوجد أحدهما فيما اشترى عيباً فله الخيار بين أن يرد أو يقبل ، ويأخذ قدر ما نقص بالعيب ، إذا كان بصرف يومه ، وكان العيب ليس بدخيل عليه من غير جنسه . .
ش : لما فرغ الخرقي رحمه اللَّه من بيان الربا ، شرع يتكلم في الصرف ، ومعنى العين بالعين أن يقول : بعتك هذه الدراهم بهذه الدنانير ، ونحو ذلك ، فإذا وقع العقد كذلك ، فوجد أحدهما بما اشتراه عيباً فله حالتان ، ( إحداهما ) أن يكون من غير جنس المعقود عليه ، كالرصاص في الفضة ، ونحو ذلك ، فهنا يبطل العقد على المذهب ، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى ، ( الثانية ) أن يكون العيب من جنس المعقود عليه ، كالسواد في الفضة ، ونحو ذلك ، وهذا الذي ذكره الخرقي هنا ، ولا بد من بنائه على أصل ، وهو أن النقود هل تتعين بالتعيين أم لا ؟ فإن قلنا : لا تتعين ، فحكم ذلك حكم التصارف في الذمة كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى ، وإن قلنا : تتعين وهو المذهب ، وعليه بنى الخرقي كلامه فلواجد العيب والحال ما تقدم الخيار بين الرد والإمساك بلا خلاف نعلمه ، كغير الذهب والفضة من المبيعات ، فإن اختار الرد بطل العقد ، ولم يكن له أخذ البدل ، كما لو كان المبيع عرضاً ، لأن البيع تعلق بعينه ، فيفوت بفواته ، وإن اختار الإمساك فله ذلك بلا نزاع نعلمه أيضاً ، وله مع ذلك أخذ ما نقص المبيع بالعيب في الجملة ، وعلى المذهب المجزوم به عند الشيخين ، وصاحب التلخيص ، والسامري ، وهو جار على قاعدة المذهب في سائر المبيعات ، من جواز أخذ الأرش مع القدرة على الرد . .
وظاهر ما أورده أبو الخطاب في الهداية مذهباً وأحد نسخ الخرقي أنه لا يجوز أخذ الأرض مطلقاً ، لأن ذلك زيادة على ما وقع عليه العقد ، وهذا قد يتوجه من