@ 505 @ ( قوموا فانحروا ثم احلقوا ) رواهما البخاري وغيره . .
ويشترط لجواز الحل أن لا يجد طريقاً آمناً ، فإن وجد طريقاً آمناً لزمه سلوكه ، وإن بعد وخاف الفوات ، وإذا جاز له التحلل فلا يتحلل إلا بنحر الهدي إن قدر عليه ، أو ببدله إن عجز عنه ، وهو الصيام ، للآية الكريمة ، إذ قوله تعالى : { فما استيسر من الهدي } أي فالواجب ما استيسر من الهدي ، أو فعليكم ما استيسر من الهدي ، [ أو فأهدوا ما استيسر من الهدي ] ثم قال تعالى : { ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله } ولأن النبي كذا فعل ، نحر وأمر أصحابه أن ينحروا ، وفعله خرج بياناً للأمر المشروع . .
وقول الخرقي : وإن حصر أي عن البيت ، بدليل قوله بعد في المريض [ ولو حصر ] في الحج عن عرفة وحدها لم يكن له التحلل ، ولزمه المضي إلى البيت ، فيتحلل بعمرة ، ولا شيء عليه [ على ] المشهور ، والمختار للأصحاب من الروايتين و ( الثانية ) له التحلل كما لو صد عن البيت ، ويحتملها إطلاق الخرقي . .
وقوله : وإن حصر [ بعدو ] يشمل في الحج وفي العمرة ، وقبل الوقوف وبعده ، وفي الحج الصحيح والفاسد ، وهو كذلك ، ويشمل إذا أحاط العدو به من جميع الجوانب ، وكذلك أطلق غيره ، قال صاحب التلخيص : ويحتمل عندي أنه ليس له التحلل والحال هذه ، لأنه لا يتخلص منه فهو كالمرض ، ويشمل الحصر العام والخاص ، كما لو حصر هو وحده ، بأن أخذته اللصوص ، أو حبس وحده ، نعم يشترط لذلك أن يكون مظلوماً ، فلو حبس بحق يلزمه ويمكنه أداؤه لم يكن له التحلل ، ويشمل العدو الكافر والمسلم ، ولا يتحقق الحصر به إلا إن احتاج في دفعه إلى قتال أو بذل مال كثير ، فإن كان يسيراً والعدو مسلماً فهل يجب الدفع ولا يتحلل ، أو لا يجب فيتحلل ؟ فيه وجهان . .
وقوله : نحر ما معه من الهدي . ظاهره في الموضع الذي حصر فيه ، وهو منصوص أحمد ، ومختار الأصحاب ، لأن النبي لما أحصر نحر وقال ( لأصحابه قوموا فانحروا ) وكان ذلك بالحديبية ، وهي من الحل ، قال مالك رحمه اللَّه [ في الموطأ ] : إذا أحصر بعدو يحلق في أي موضع كان [ ولا قضاء عليه ] لأن رسول اللَّه وأصحابه نحروا بالحديبية وحلقوا ، وحلوا من كل شيء قبل الطواف بالبيت . مختصر ويشهد لهذا قوله تعالى : 19 ( { والهدي معكوفاً أن يبلغ محله } ) فأخبر سبحانه أن الهدي حبس عن بلوغ محله . ) $ $ 16 ( .
وعن أحمد رحمه اللَّه رواية أخرى : ليس له نحره إلا في الحرم ، فيبعث به ، ويواطىء رجلاً على نحره في وقت يتحلل فيه ، لظاهر قوله سبحانه : 19 ( { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } ) أي مكانه الذي يجب نحره فيه . .
1602 وعن عمرو بن سعيد النخعي ، أنه أهل بعمرة ، فلما بلغ ذات الشقوق لدغ ، فخرج أصحابه إلى الطريق ، عسى أن يلقوا من يسألونه ، فإذا هم بابن مسعود ، فقال لهم : ليبعث بهدي أو بثمنه ، واجعلوا بينكم وبينه أمارا يوماً ما ، فإذا ذبح الهدي فليحل ، وعليه قضاء عمرته . وقال في المغنى : هذا واللَّه أعلم فيمن حصره خاص أما من حصره عام فلا ينبغي أن يقال ، لأن ذلك يفضي إلى تعذر الحل ، لتعذر وصول الهدي إلى محله ، وعلى هذا حكى الرواية في الكافي . .
1603 ويشهد لذلك قول ابن عباس رضي اللَّه عنه : إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ ، فأما من حبسه عدو أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع ، وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به ، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله . رواه البخاري انتهى ، ولا يرد غلى [ هذا ] فعل الرسول وأصحابه ، لأن الظاهر أن البعطث تعذر عليهم . .
وعن أحمد رحمه اللَّه رواية ثالثة : لا يجزئه الذبح إلا يوم النحر ، إذ هذا وقت ذبحه ، كذا أطلق الرواية في التلخيص ، وقيدها في الكافي بما إذا ساق هديا . انتهى . .
ويجب أن ينوي بذبحه التحلل به ، لأن الهدي يكون لغيره ، فلزمته النية طلقاً للتمييز . .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يجب الحلاق . وهو إحدى الروايتين . ( والثانية ) يجب ، وهو اختيار القاضي في التعليق وغيره ، وبناهما أبو محمد في الكافي على أنه نسك أو إطلاق من محظور . فإن قلنا : نسك . وجب وتوقف الحل عليه ، ولا يحصل إلا بثلاثة أشياء النحر مع النية والحلق ، وإن قلنا : إطلاق من محظور لم يتوقف الحل عليه ، فيحصل بالنحر مع النية . .
وقول الخرقي : حل . ظاهره أن الحل مترتب على النحر ، وقد تقدم ، وسيأتي ما هو أصرح من ذلك ، ولا ريب أن ذلك هو المذهب لما تقدم . .
1604 وقال ابن عباس رضي اللَّه عنه : أحصر رسول اللَّه ، فحلق رأسه ونحر هديه ، وجامع نساءه ، حتى اعتمر عاماً قابلاً . [ رواه البخاري ] . وعنه في المحرم