@ 38 @ .
قال : والفم والأنف من الوجه . .
ش : يعني فيجب غسلهما مع غسل الوجه ، ويعبر عن ذلك بالمضمضة والاستنشاق ، والمذهب المشهور الوجوب في الطهارتين الصغرى والكبرى ، لأن الله سبحانه [ وتعالى ] أمر بغسل الوجه ، وأطلق . .
77 وفسره النبي بفعله وتعليمه ، فمضمض واستنشق ، ولم ينقل عنه أنه أخل بذلك ، مع اقتصاره على المجزئ ، وهو الوضوء مرة مرة ، وقوله : ( هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به ) وفعله إذا خرج بياناً كان حكمه حكم ذلك المبين ، وأيضاً حديث لقيط بن صبرة المتقدم ، وهو يدل من جهة اللازم ، وفي رواية لأبي داود فيه : ( إذا توضأت فمضمض ) . .
78 وللدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أمر رسول الله بالمضمضة والاستنشاق . وقد روي مسنداً ومرسلًا ولأنها في حكم الظاهر ، ألا ترى أن وضع الطعام ، واللبن ، والخمر فيهما لا يوجب فطراً ، ولا ينشر حرمة ، ولا يوجب حداً ، وحصول النجاسة فيهما يوجب غسلهما ، وينقض الوضوء بشرطه . ( وعنه ) الواجب الاستنشاق فقط فيهما . .
79 لأن في الصحيح : ( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثمّ لينتثر ) وفي لفظ : ( من توضأ فليستنشق ) وإذا أمر بذلك في الوضوء ففي الغسل أولى . ( وعنه ) يجبان في الكبرى ، لأنه يجب وصول الماء فيها إلى باطن الشعور ، ونحو ذلك ، ولا يجبان في الصغرى ، لأن المأمور به فيها غسل الوجه ، والوجه ما تحصل به المواجهة ، وليسا كذلك ، فأشبها باطن اللحية الكثّة ( وعنه ) يجب الاستنشاق وحده في الوضوء فقط ، جموداً على قوله : ( من توضأ فليستنشق ) ( وحيث ) قيل بالوجوب ، فتركهما أو أحدهما ولو سهواً ، لم يصح وضوءه ، قاله الجمهور ، وقال ابن الزاغوني : إن قيل : إن وجوبهما بالسنة صح مع السهو ، وحكى عن أحمد في ذلك روايتين ، إحداهما بالكتاب ، والثانية بالسنّة . .
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يجب تقديمهما على سائر الوجه ، لأنهما منه ، وأنه يجب الترتيب والموالاة بينهما وبين سائر الأعضاء ، كما يجب في الخد ونحوه وهو إحدى الروايتين ، قال أبو البركات : وهي أقيسهما ، كبقية أجزائه ، والرواية الثانية واختارها أبو البركات : لا يجب فلو تركهما ثمّ صلّى أتى بهما ، وأعاد الصلاة دون الوضوء ، نصّ عليه أحمد ، ومبناه ( على ) أن وجوبهما بالسنّة ، والترتيب إنما وجب بدلالة