@ 471 @ رسول اللَّه في الناس ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال : ( أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللَّه ، ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، قضاء اللَّه أحق ، وشرط اللَّه أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق ) متفق عليه واللفظ للبخاري . وهذا ظاهر في أنها بيعت في كتابتها قبل أن تعجز وترق بعلم النبي ، بل وأمره لقولها : فأعينيني ، وإخبار عائشة النبي بذلك ، وقوله لها : ( خذيها ) وعند مسلم : ( اشتريها ) وفي لفظ : ( ابتاعي ) ولهذا قال ابن المنذر : بيعت بريرة بعلم النبي وهي مكاتبة ، فلم ينكر ذلك ، ولا أعلم خبراً يعارض ذلك ، ولا دليلاً من خبر على عجزها . .
( وعن أحمد ) رواية أخرى : لا يجوز بيع المكاتب ، أومأ إليها في رواية أبي طالب ، وسأله : هل يطأ مكاتبته ؟ قال : لا يطؤها ، لأنه لا يقدر أن يبيعها ولا يهبها ، وذلك لأن سبب العتق قد ثبت له على وجه لا يستقل السيد برفعه ، فمنع البيع كالاستيلاد ، وأجيب بمنع القياس مع النص ، ثم إن لنا في أم الولد منعا على رواية ، وعلى المذهب الفرق أن سبب حريتها مستقر ، لا سبيل إلى فسخه بحال ، والمكاتب ليس كذلك ، لجواز عوده رقيقاً ، ( وعن أحمد ) رواية ثالثة حكاها ابن أبي موسى : يجوز بيع المكاتب بقدر مال الكتابة ، لصورة النص ، ولا يجوز بأكثر منها اعتماداً على القياس السابق . .
( تنبيه ) الحكم في هبته والوصية به كالحكم في بيعه ( وعنه ) أنه منع من الهبة ، قصراً على المورد أيضاً كما تقدم ، أما وقفه فلا يجوز ، لانتفاء شرطه وهو الاستقرار ، واللَّه أعلم . .
قال : ومشتريه يقوم فيه مقام المكاتب . .
ش : مشتري المكاتب يقوم في أمره مقام المكاتب ، لأنه بدل عنه ، فأعطي حكمه ، فعلى هذا إن أدى إليه عتق ، وإن عجز أو اختار تعجيزه رد في الرق ، ومقتضى كلام الشيخ أن الكتابة لا تنفسخ بالبيع وهو كذلك ، إذ الكتابة عقد لازم ، فلم تنفسخ بذلك كالإجارة ، مع أن ابن المنذر قد حكى ذلك إجماعاً عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم ، ولا يرد عليه مخالفة ابن حزم ، لأنه ليس هو من حفظ عنه العلم ، واللَّه أعلم . .
قال : فإذا أدى صار حراً وولاؤه لمشتريه . .
ش : قد تقدم أن مشتريه يقوم مقام البائع ، د فإذا أدى إليه صار حراً وعتق ، وكان ولاؤه له ، وقد شهد لذلك قول النبي لعائشة رضي اللَّه عنها : ( ابتاعي وأعتقي ، فإنما الولاء لمن أعتق ) وإنكار النبي على أهلها لما اشترطوا ولاءها ، واللَّه أعلم .