@ 426 @ ثالثة : تقدم بينة المدعي إلا أن تختص بينة المدعى عليه ] بسبب ، كأن تشهد بأنها له ، نتجت في ملكه . أو أقطعها له الإمام ونحو ذلك ، أو سبق ، كأن تشهد بأنها له منذ سنتين ، وتقول بينة المدعي : منذ سنة . فتقدم بينة المدعي عليه ، لأنه بذلك يزول أن مستند البينة اليد . .
3876 ولما روي عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما أن النبي اختصم إليه رجلان في دابة أو بعير ، وأقام كل واحد منهما البينة ، أنها له أنتجها ، فقضى بها رسول اللَّه للذي هي في يده . إلا أن أحمد قال في رواية محمد بن الحكم : أصحاب أبي حنيفة يروون في النتاج حديثاً ضعيفاً ، لم يجب الأخذ به ( وعنه ) رواية رابعة عكس الثالثة ، تقدم بينة المدعى عليه إلا أن تختص بينة المدعي بسبب أو سبق ، وعلى هاتين الروايتين هل يكفي مطلق السبب ، كالشراء ، أو الهبة ونحو ذلك ، أو لا بد من إفادته للسبق كالنتاج والإقطاع ؟ على رواتين ، وللمسألة تفاريع أخر ليس هذا موضعها . .
واعلم أن بينة المدعى عليه تسمى بينة الداخل ، وبينة المدعي تسمى بينة الخارج ، لأنه جاء من خارج ، ينازع الداخل ، ومقتضى كلام الخرقي أنه لا يمين على المدعي مع البينة ، وهو كذلك ، وكذلك لا يمين على المدعى عليه إن قدمت بينته ، والخرقي رحمه اللَّه لم يتعرض لما اختص أحدهما بالبينة لوضوحه ، ولا ريب أن يحكم له بذلك ، لأن البينة تبين الحق وتوضحه ، ثم إن كانت البينة للمدعي فلا يمين عليه ، قال أبو محمد : بغير خلاف في المذهب . ثم قال : قال أصحابنا : ولا فرق بين الحاضر والغائب ، والحي والميت ، والصغير والكبير والمجنون ، والمكلف ، وقال الشافعي : إن كان المشهود عليه لا يعبر عن نفسه حلف المشهود له أنه لم يقض ، ولم يبر لتزول الشبهة ، وهذا حسن . انتهى ، وهذا عجيب ، فإن في مختصره ومختصر غيره أن الدعوى إذا كانت على غير حاضر أو غير مكلف وثم بينة حكم بها ، وهل يحلف المدعي مع بينته أنه لم يقض ولم يبر ؟ على روايتين وهذه هي المسألة بعينها ، فكيف يقول : بلا خلاف في المذهب . وأن الأصحاب لم يفرقوا بين الحاضر وغيره ، ولا بين المكلف وغيره . انتهى . وإن كانت البينة للمدعى عليه فلا يمين عليه على المذهب ، وفيه احتمال لأبي محمد ، لاحتمال أن يكون مستند البينة اليد والتصرف ، فيصير وجودها كالعدم ، واللَّه أعلم . .
قال : ولو كانت الدابة في أيديهما ، فأقام أحدهما البينة أنها له ، وأقام الآخر البينة أنها له نتجت في ملكه ، أسقطت البينتان ، وكانا كمن لا بينة لهما ، وجعلت بينهما نصفين ، وكانت اليمين لكل واحد منهما على الآخر في النصف المحكوم به له .