@ 329 @ .
واعلم أن هذا على مختار الخرقي من أنه ليس له التكفير بغير الصوم ، أما من قال : يجوز له التكفير بالمال في الجملة في حال رقه فبعد عتقه أولى ، ولهذا قال القاضي في قول الخرقي : إن فيه نظراً ، قال : لأن المنصوص أنه يكفر كفارة عبد ، أي لا يلزمه التكفير بالمال فإن كفر به أجزأه . ( قلت ) ولا نظر في ذلك على قول الخرقي ، إنما النظر لو كان الخرقي يجوز له التكفير بالمال في حال رقه ، كما يقوله القاضي ، ثم قال ذلك اه . .
وظاهر كلام الخرقي أن الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب ، إذ لو اعتبر أغلظ الأحوال لأوجب على العبد التكفير بالمال إذا قدر عليه قبل أن يأتي بالصوم ، وقد اختلف عن إمامنا رحمه الله في هذه المسألة ، ( فعنه ) كما هو ظاهر كلام الخرقي الاعتبار بحال الوجوب ، وهذا اختيار القاضي في تعليقه ، والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما ، وابن شهاب وأبي الحسين ، والشيرازي ، وابن عقيل وغيرهم ، لأنه حين الاستقرار في الذمة ، لأنه لو فعل ما وجب عليه إذ ذاك لأجزأه بلا ريب ، ولأن الكفارة وجبت على وجه الطهرة ، فاعتبرت بحال الوجوب كالحد ( وعنه ) الاعتبار بأغلظ الأحوال ، اختارها القاضي في روايتيه ، وحكاها الشريف وأبو الخطاب عن الخرقي ، وكأنهما أخذا ذلك من قوله : ومن دخل في الصوم ثم أيسر لم يكن عليه الخروج من الصوم إلى العتق أو الإطعام إلا أن يشاء . إذ ظاهره أن من لم يدخل في الصوم كان عليه الانتقال إلى العتق أو الإطعام ، وما تقدم أظهر ( وبالجملة ) وجه هذا القول بأنه حق يجب في الذمة بوجود مال ، فاعتبر بأغلظ الحالين كالحج ، والجواب القول بالموجب في الحج ، لأنه ليس له حالتان ، إنما له حالة واحدة ، وهي حالة اليسار ، يجب فيها ويستقر ، وقبل ذلك لا يخاطب به أصلًا ، والكفارة يخاطب بها على كل حال ، ( وعنه ) رواية ثالثة حكاها الشيرازي : الاعتبار بحال الأداء ، قياساً على الوضوء ، فالجامع أنه حق له بدل من جنسه ، فكان الاعتبار فيه بحال الأداء كالوضوء . .
إذا تقرر هذا ( فعلى الرواية الأولى ) يعتبر اليسار والاعسار حال الوجوب عليه ، فإذا كان موسراً إذ ذاك ففرضه العتق لا يجزئه غيره ، وإن كان معسراً ففرضه الصوم ، ولا يجب عليه العتق بعد وإن أيسر ، ( وعلى الثانية ) متى وجد رقبة من حين الوجوب إلى حين التكفير لم يجزئه إلا العتق ، ( وعلى الثالثة ) الاعتبار بحال الأداء ، فإذا كان موسورا إذا وجب عليه العتق ، وإن كان حين الوجوب معسراً ، ولو كان حين الأداء معسراً أجزأه الصوم ، وإن كان حين الوجوب موسراً اه . .
وقول الخرقي : ولو حنث وهو عبد . إلى آخره إشعار بأن حالة الوجوب هي حالة الحنث ، وهو كذلك قطعاً ، فعلى هذا لو حلف العبد ولم يحنث حتى عتق فحكمه حكم الأحرار ، وهذا في اليمين ، أما في الظهار والقتل فوقت الوجوب العود والزهوق ، والله أعلم .