@ 257 @ .
قال : والمحرم من الحيوان ما نص اللَّه عز وجل عليه في كتابه . .
ش : الذي نص اللَّه عز وجل عليه في كتابه هو قوله سبحانه : 19 ( { حرمت عليكم الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل لغير اللَّه به } ) . إلى آخرها . ولا نزاع في تحريم هذه الأشياء في الجملة ، ( أما لحم الخنزير ) فلا ريب في تحريمه ، وكذلك بقية أجزائه ، اعتماداً على الإجماع ، أو أن الشحم ونحوه داخل في مسمى ذكر اللحم لكونه صفة له ، بدليل قوهم : لحم سمين . أي لحم شحيم ، أو أن ذكر اللحم خرج مخرج الغالب ، لأنه معظم ما يقصد ، مع ما فيه من مراغمة الكفار الذين يتدينون بأكل لحمه ، ( وأما الميتة ) فيستثني منها ما استثناه المبيّن لكتاب ربه وهو الحوت والجراد ، ويلحق بالحوت ما في معناه مما يسمى سمكاً ، أو مما لا يعيش إلا في البحر ، أو مما مات فيه على ما تقدم نعم بقي النظر في الطافي فإن عموم الآية يقتضي تحريمه . .
3552 وعموم قوله : لما سئل عن التوضىء بماء البحر ( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ) يقتضي إباحته ، فلا بد من مرجح ، ( فقد يقال ) بترجيح عموم الكتاب لقوته ، ولهذا قيل : إن عموم الكتاب لا يتخصص بالسنة ، وبما تقدم من حديث جابر رضي اللَّه عنه ( وما مات فيه وطفا فلا تقربوه ) . .
3553 وبما روي عن علي رضي اللَّه عنه أنه قال : ما طاف من صيد البر فلا تأكله ، ( وقد يقال ) بترجيح عموم السنة ، لأن عموم الكتاب قد دخله التخصيص ولا بد ، بخلاف عموم السنة فإنه قد شك في تخصيصه ، والأصل عدم التخصيص ، وبما تقدم من قول أبي بكر رضي اللَّه عنه : الطافي حلال . .
3554 وقول عمر رضي اللَّه عنه في قوله سبحانه : 19 ( { أحل لكم صيد البحر وطعامه } ) قال : صيده ما أصيد ، وطعامه ما رمى به . وهذا تفسير من عمر رضي اللَّه عنه ، وإذاً يكون مخصصاً لقوله تعالى : 19 ( { حرمت عليكم الميتة } ) . وتكون السنة عاضدة لهذا التفسير ، وما روي عن علي رضي اللَّه عنه فلا يعرف أصله ، وحديث جابر الصحيح وقفه عليه ، وقد قال بعضهم : إن الآية الكريمة لا تخصيص فيها ، بل وردت على ما يتعارفه الناس في العادة ، والعرف في السمك أنه لا يطلق عليه ميتة ، ولهذا إذا قيل : أكل فلان ميتة ، لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد ، وكذلك إذا قال أكل دماً ، لم يسبق إلى الكبد والطحال . .
وقد أدخل بعضهم في الآية الكريمة الأجنة ، وقد تقدم الاعتماد على رواية الرفع ، وأن ذكاته عين ذكاة أمه ، وإذاً هي مذكاة لا ميتة على أن رواية النصب تخرج الحديث عن كثير فائدة ، إذ الجنين إذا خرج حياً حياة مستقرة فلا يخفى حكم الذكاة في حقه ، لأنه نفس أخرى . .
ومما قيل بدخوله في الميتة جلدها ، ولبنها ، وشعرها ، وعظمها ، والكلام على