@ 177 @ رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فجئتك أستعينك على كتابتي ؛ قال : ( فهل لك في خير من ذلك ) ؟ قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : ( أقضي كتابتك ، وأتزوجك ) ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، قال : ( قد فعلت ) قالت : وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله تزوج جويرية ابنة الحارث ، فقال الناس : أصهار رسول الله فأرسلوا ما بأيديهم . قالت : فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها . رواه أحمد واحتج به ، وهذا التخيير تخيير مصلحة واجتهاد ، لا تخيير تشهي فمتى رأى الإمام المصلحة في خصلة تعينت عليه ، لأنه ناظر للمسلمين ، فوجب عليه فعل الأصلح كولي اليتيم ، ومتى تردد فقال أبو محمد : القتل أولى . .
( وقوله ) : فادى بهم ، أي بمسلم ، ولا نزاع في جواز ذلك ، لما تقدم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه ، ( وقوله ) : وإن رأى أطلقهم على مال يأخذه منهم . هذا هو المذهب المجزوم به عند القاضي ، وأبي البركات ، وأبي محمد في المغني ، وغيرهم ، لأن النبي فادى أهل بدر بالمال بلا ريب . .
وحكى أبو محمد في المقنع رواية أنه لا تجوز المفاداة بمال ، وحكاها أبو الخطاب في هدايته وجهاً ، لأن الله سبحانه عاتب نبيّه على ذلك ونزل : 19 ( { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى } ) الآية . .
3342 قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما أسروا الأسارى يعني يوم بدر قال النبي لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ( ما ترون في هؤلاء الأسارى ) ؟ قال أبو بكر : يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية ، فتكون لنا قوة على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام ، فقال رسول الله : ( ما ترى يا ابن الخطاب ) ؟ قال : لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكنني أرى أن تمكنني فنضرب أعناقهم ، فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكنني من فلان نسيباً لعمر فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت . فلما كان الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان ، قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما . فقال رسول الله : ( أبكي للذي عرض على أصحابك من هذه الشجرة ) شجرة قريبة منه ، وأنزل الله عزّ وجلّ : 19 ( { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ) إلى قوله : 19 ( { فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً } ) ، فأحلّ الله لهم الغنيمة . رواه أحمد ومسلم . ( وأجيب ) بأن