@ 156 @ وإلى هذا ميل أبي العباس ، وهو أقعد من جهة الدليل . .
3264 لما روي عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً نقش على خاتمه ، وأخذ من بيت المال ، فضربه مائة ، ثم ضربه في اليوم الثاني ، مائة ، ثم ضربه في اليوم الثالث مائة ، وهذا كله دون حد جنسه وهو القطع ، وحديث النعمان لم يبلغ بع الحد في جنسه ، لأن حد واطىء جارية امرأته الرجم لإحصانه . وكذلك قصة عمر والخلفاء رضي الله عنهم في الأمة المشتركة ، وفيمن وجد مع امرأة في لحاف ، ويحمل حديث أبي بردة رضي الله عنه على أن أحداً لا يؤدب فوق عشرة أسواط ، والتأديبات تكون في غير محرم ، وقوله : ( إلا في حد من حدود الله تعالى ) فالمراد به في المحرمات التي حرمها الله سبحانه ، كما في قوله : 19 ( { تلك حدود الله فلا تقربوها } ) ، وذلك يشمل الحدود المقدرة وغيرها ، والله تعالى أعلم بحقائق الأمور . .
قال : وإذا حمل عليه جمل صائل ، فلم يقدر على الامتناع منه إلا بضربه ، فضربه فقتله فلا ضمان عليه . .
ش : إذا صالت عليه بهيمة فلم يقدر على التخلص منها إلا بضربها ، فله ذلك إجماعاً ، ولا ضمان عليه ، لأنه حيوان جاز إتلافه ، فلم يضمنه كالآدمي المكلف ، ولأنه قتله لدفع شره ، فأشبه العبد ، وفارق المضطر إلى طعام الغير ، حيث يضمنه فإن الطعام لم يلجئه إلى إتلافه ، ولم يصدر منه ما يزيل عصمته . .
قال : ولو دخل رجل منزله بسلاح ، فأمره بالخروج فلم يفعل ، فله ضربه بأسهل ما يخرجه به ، فإن علم أنه يخرج بضرب عصا لم يجز أن يضربه بحديدة . .
ش : إذا دخل رجل منزل غيره بغير إذنه فلصاحب المنزل أمره بالخروج ، لتعديه بالدخول ، قال الله تعالى : 19 ( { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم ، حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } ) الآية . .
3265 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله أرأيت أن عدي على مالي ، قال : ( فأنشده بالله ) قال : فإن أبوا عليّ ؟ قال : ( فقاتل ، فإن قتلت ففي الجنة ، وإن قتلت ففي النار ) رواه النسائي . فإن خرج بالأمر لم يكن له ضربه لظاهر الحديث ، ولزوال تعديه وإن لم يخرج بالأمر فله ضربه ، دفعاً للضرر الحاصل له بتسليط الغير عليه . وللحديث ، ويضربه بأسهل ما يعلم أنه يندفع به ، لأن الزائد لا حاجة به إليه ، إذ المقصود الدفع ، ولهذا قلنا في البغاة لا يتبع مدبرهم ، ولا يجاز على جريحهم ، وقد أشار في الحديث إلى هذا حيث أمر بالإنشاد أولاً ، ويتفرع على هذا أنه إذا علم أنه يندفع بعصا لم يجز أن يضربه بحديدة ، وكذلك لو غلب على ظنه أنه يندفع بقطع بعض أعضائه لم يكن له قتله ، فلو قتله