@ 116 @ .
( وعن أحمد ) لا يقبل تفسيره في حال الغضب ، لأن القرينة تكذبه ، والمنصوص عن أحمد في رواية الجماعة وعليه عامة الأصحاب أن ذلك صريح في القذف ، فلا يقبل قوله بما يحيله ، لأن هذا اللفظ إذا أطلق لا يكاد يفهم منه إلا إتيان الذكران ، وإرادة الانتساب إلى قوم لوط بعيدة جداً ؛ إذ الظاهر أو القطع بأنهم لم يبق منهم أحد ، والاحتمال البعيد وجوده كعدمه ، ومن ثم بعد الشيخان قول الخرقي ، فعلى هذا إذا قال : أردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير إتيان الذكران ، فهل يقبل منه ، نظراً إلى أنه من باب إطلاق العام ، وإرادة الخاص ، وهو سائغ كثيراً ، أو لا يقبل ، لمخالفته الظاهر ؟ فيه وجهان . أما على قول الخرقي فيقبل منه بطريق الأولى ، لأنه إذا قبل منه صرف اللفظ عن مقتضاه عرفاً ، فلأن يقبل منه إطلاق العام وإرادة الخاص أولى ، هذا هو التحقيق ، تبعاً لأبي البركات ، وأبو محمد في مغنيه يبني الوجهين على روايتي الصراحة وعدمها ، فإن قلنا صريح لم يقبل وإلا قبل ، والله أعلم . .
قال : وكذلك من قال يا معفوج . .
ش : هذا التشبيه ( يحتمل ) أن يرجع إلى أصل المسألة السابقة ، فعلى هذا إن فسره بما لا يوجب الحد ، كما إذا قال : أردت أنك معفوج دون الفرج ونحوه ، قبل منه عند الخرقي ، ولم يقبل منه عند غيره ، وعلى هذا جرى الشيخان . ( ويحتمل ) أن يرجع إلى قوله : فهو كمن قذف بالزنا ، فيجب الحد ، ولا يقبل التفسير . ولعله أظهر ، إذ المعفوج مفعول من عفج بمعنى نكح ، فهو بمعنى منكوح أي موطوء . .
( تنبيه ) : قد أخذ من كلام الخرقي في هذه المسألة ، وفي التي قبلها أن الحد لا يجب إلا بلفظ صريح ، كقوله : يا زاني ، أو يأتي باللفظ الحقيقي في الجماع ، أما الألفاظ المحتملة كقوله لامرأة : يا قحبة ، أو لرجل : يا مخنث ، أو يقول لعربي : يا نبطي ، يا فارسي ، أو يعرض بالزنا ، كأن يقول لمن يخاصمه : ما أنت بزان ، ما يعرفك الناس بالزنا ، يا حلال ابن الحلال ، ونحو ذلك ، فلا يجب به الحد ، وهذا إحدى الروايتين ، واختيار أبي بكر ، وأبي محمد . ( والثانية ) : يجب الحد بجميع ذلك في الجملة ، وهي اختيار القاضي ، وكثير من أصحابه في التعريض ، وتحقيق الروايتين وتوجيههما له محل آخر ، والله أعلم . .
قال : ولو قذف رجل فلم يقم عليه الحد حتى زنا المقذوف ، لم يزل الحد عن القاذف . .
ش : نظراً إلى أن شرط وجوب الحد وهو الإحصان قد وجد ، فلا عبرة بما يطرأ بعده ، وصار هذا كما لو سرق عيناً ثم ملكها ، ونحو ذلك ، وفي قوله : فلم يقم عليه الحد حتى زنى إشعار بأنه لو ثبت أنه كان زنى قبل القذف أن الحد يزول عن القاذف ، وهو كذلك ، لتبين زوال شرط الوجوب ، والله أعلم . .
قال : ومن قذف عبداً أو مشركاً ، أو مسلماً له دون العشر سنين أو مسلمة لها