@ 82 @ المقصود كف شرهم ، وإن لم يمكن قاتلهم ، وعلى رعيته معونته ، لما تقدم من حديث عرفجة وغيره ، وصرح أبو محمد ، والقاضي في جامعه ، بأنه يجب قتالهم ، وهو ظاهر حديث عرفجة ، وظاهر الآية الكريمة : 19 ( { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي } ) وظاهر قصة الحسن رضي الله عنه وقول النبي : ( ستكون فتنة ) ونحو ذلك يقتضي أن القتال لا يجب ، وكيف يجب وقد امتنع منه مَنْ تقدم من الصحابة ، وأشار الحسن على أبيه بترك القتال ، وعلى هذا فللإمام أن يترك الأمر الذي في يده للذي خرج عليه إن لم يخف مفسدة ، كما فعل الحسن رضي الله عنه ويجوز له القتال ، كما فعل الإمام علي رضي الله عنه ويجب إذاً على رعيته معونته بلا ريب ، وعلى ذلك تحمل الآية الكريمة والحديث ، فإنه متى ترك الإمام الأمر الذي في يده حصل الإصلاح ، فإذاً لا حاجة إلى القتال ، وإن لم يترك فهو محق وغيره متعد عليه ، فيجب قتاله ، وكف شره ؛ لقوله تعالى : 19 ( { فقاتلوا التي تبغي } ) وقوله سبحانه : 19 ( { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ) وحديث عرفجة وغير ذلك ، والله أعلم . .
قال : فإن آل ما دعوا به إلى نفوسهم فلا شيء على الدافع . .
ش : يعني أنهم إذا دفعوا بالأسهل فالأسهل ، فآل ما دفعوا به إلى نفوسهم فلا شيء على الدافع ، من ولا ضمان ، لأنه فعل مأذون فيه شرعاً ، أشبه قتال الكفار ونحوهم ، وكذلك بطريق الأولى ما أتلفه العادل على الباغي حال الحرب من المال ، والله أعلم . .
قال : وإن قتل الدافع فهو شهيد . .
ش : لأنه قتل في قتال مأمور به ، أشبه قتيل الكفار ، والله أعلم . .
قال : وإذا اندفعوا لم يتبع لهم مدبر ، ولم يجيزوا على جريح . .
3064 ش : لما روي عن مروان بن الحكم رضي الله عنه قال : صرخ صارخ لعلي يوم الجمل : لا يقتلن مدبر ، ولا يذفف على جريح ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن . رواه سعيد ، ويروى نحوه عن عمار رضي الله عنه ، ولأن المقصود كف شرهم وقد حصل ، فأشبهوا الصائل ، وعموم كلام الخرقي ، يقتضي أنه لا فرق بين أن تكون لهم فئة ممتنعة يلجؤون إليها ، أو لم تكن ، وهو ذلك . .
قال : ولم يقتل لهم أسير . .
ش : لأن شره قد اندفع بأسره . .
3055 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي قال : ( يا ابن أم عبد ما حكم من بغى على أمتي ؟ ) قلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : ( لا يتبع مدبرهم ، ولا يجاز على جريحهم ، ولا يقتل أسيرهم ، ولا يقسم فيئهم ) ، ذكره القاضي في شرحه . .
( تنبيه ) : ( ولا يجاز على جريحهم ) أي لا يقتل ، ( ولا يذفف ) . .
قال : ولم يغنم لهم مال . .
ش : لحديث ابن مسعود رضي الله عنه . .
3056 وعن أبي أمامة رضي الله عنه : 16 ( شهدت صفين فكانوا لا يجيزون على جريح ، ولا يقتلون مولياً ، ولا يسلبون قتيلاً ، ولأنهم معصومون ، أبيح من دمائهم وأموالهم ما حصل من ضرورة دفعهم ، فيبقى ما عداه على أصل التحريم ) . .
قال : ولم تسب لهم ذرية . .
ش : لما تقدم في التي قبلها ، ولأنهم كالصائل لا يستباح منهم إلا ما حصل به ضرورة دفعهم . .
3057 ويروى أن مما نقمت الخوارج على علي رضي الله عنه أنهم قالوا : إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن حلت له دماؤهم ، فقد حلت له أموالهم ، وإن حرمت عليه أموالهم ، فقد حرمت عليه دماؤهم . فقال لهم ابن عباس رضي الله عنه : 16 ( أتسبون أمكم يعني عائشة رضي الله عنها ؟ أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فإن قلتم : ليست أمكم فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنها أمكم واستحللتم سبيها فقد كفرتم ) . .
قال : ومن قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه . .
ش : يعني من البغاة ، وذلك لأنهم مسلمون ، وغايته أنهم مخطئون ، فيجري عليهم حكم المسلمين . .
3058 وعن النبي قال : ( صلوا على من قال : لا إله إلا الله ) قال أبو محمد : ولم يفرق أصحابنا بين الخوارج وغيرهم ، وظاهر كلام أحمد أنه لا يصلى على الخوارج ، قال : أهل البدع إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم ، وقال : الجهمية والرافضة لا يصلى عليهم ، قد ترك النبي الصلاة بأقل من هذا .