@ 454 @ .
واعلم أن أبا البركات له في الخلع على المجهول تحرير حسن لم أره لغيره ، وملخص ما قاله في هذه الصورة أن الذي قاله الخرقي على مختاره من صحة الخلع بغير عوض ، أما إن باشتراط العوض فهنا يجري قول أبي بكر بالبطلان ، والمشهور خلافه ، وعلى المشهور هل يجب كما تقدم أو يبطل المسمى ويجب مهر المثل أو إن وجد شيء فهو له ، وإلا وجب مهر المثل ؟ على ثلاثة أوجه ، والله أعلم . .
قال : ولو خالعها على غير عوض كان خلعاً ولا شيء له . .
ش : هذا إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله ، واختيار الخرقي ، وابن عقيل في التذكرة ، لأنه قطع للنكاح ، فصح من غير عوض كالطلاق ، ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن يوجد من المرأة رغبة عن زوجها ، وتحتاج إلى فراقه فتسأله ذلك ، فإذا أجابها فقد حصل المقصود منه ( والثانية ) لا يصح إلا بعوض ، اختارها القاضي وجمهور أصحابه ، أبو الخطاب ، والشريف ، والشيرازي وغيرهم ، لأن الخلع الذي ورد في الكتاب والسنة ورد بعوض ، والأصل عدم جواز ما عداه ، ولأن الخلع ( إن كان ) فسخاً فالزوج لا يملك فسخ النكاح إلا لعيبها ، بخلاف ما إذا دخله العوض فإنه يصير معاوضة ، فلا يجتمع له العوض والمعوض ، ( وإن كان ) طلاقاً فليس بصريح فيه اتفاقاً ، وإنما هو كناية ، والكناية لا بد فيها من النية أو ما يقوم مقامها ، وهو والحال هذه بدل العوض ، ولم يوجد واحد منهما ، فعلى هذه الرواية إن خلا عن عوض لم يقع به شيء إلا حيث نجعله طلاقاً ، فيكون طلاقاً رجعياً ، والله أعلم . .
قال : ولو خالعها على ثوب ونحوه فخرج معيباً ، فهو مخير بين أن يأخذ أرش العيب أو قيمة الثوب ويرده . .
ش : الخلع على ثوب ونحوه له حالتان ( إحداهما ) أن يكون معيناً وهو ينقسم فسمين منجزاً ومعلقاً ، ( فالمنجز ) وهو مراد الخرقي أن يقول : خلعتك على هذا الثوب ، فهذا إن لم يعلم به عيب حين العقد ثم اطلع على عيب فإنه يخير بين أخذ أرش العيب عوضاً عن الجزء الفائت ، وبين رد الثوب وأخذ قيمته سليماً ، لأن مقتضى المعاوضة أنه إذا رد الثوب رجع في مقابله وهو البضع ، لكن ذلك متعذر ، لأن البينونة إذا وقعت لا ترتفع ، فيرجع ببدل ما رضي به ، وهو الثوب ، وفيه البحث السابق في الصداق ، أنه كان ينبغي أن يرجع في بدل البضع وهو مهر المثل . .
وفي المذهب : رواية أخرى أنه لا أرش له مع إمساكه كالرواية المذكورة في البيع والصداق ، ( والمعلق ) أن يقول : إن أعطيتني هذا الثوب فأنت طالق . وهذا المنصوص عن أحمد ، وهو اختيار الشيخين ، لأنه إذا اطلع فيه على عيب فلا شيء له ، تغليباً للشرط ، وحكى أبو محمد عن الأصحاب أنه كالذي قبله ، تغليباً للمعاوضة ( والحال الثانية ) أن يكون غير معين ، وهو قسمان أيضاً ( أحدهما ) أن يكون موصوفاً بصفات السلم في الذمة ، فهذا إذا سلمته إليه فوجد به عيباً ( فله إمساكه ) لأن غايته أنه قد رضي