@ 429 @ .
( القاعدة الثالثة ) إذا نقص الصداق بعد القبض ، ثم طلقت قبل الدخول فإن الزوج يخير بين أخذه ناقصاً ، وبين أخذ نصف قيمته ، لأنه إن اختار أخذه فقد رضي بإسقاط حقه ، وله ذلك ، وإن اختار نصف القيمة فله ذلك ، لأن في قبوله ناقصاً فهل له أرش النقص وهو مختار القاضي في تعليقه ، كالمبيع المعيب ، أو لا أرش له كواجد متاعه عند المفلس ، وهو اختيار الأكثرين ؟ فيه قولان . .
إذا تقرر هذا فقول الخرقي : إذا أصدقها عبداً صغيراً فكبر ، ثم طلقها قبل الدخول ، فإن شاءت دفعت إليه نصف قيمته يوم وقع عليه العقد ، أو تدفع إليه نصفه زائداً . مبني على أنها ملكت الصداق بالعقد ، وإذاً الزيادة حدثت على ملكها ، فتخير بين دفع النصف وبين دفع نصف قيمته ، لكن متى تعتبر القيمة ؟ اعتبرها الخرقي وتبعه أبو محمد في الكافي والمغني ، وابن حمدان وأطلقوا بيوم العقد ، وحرر ذلك أبو البركات فجعل ذلك في المتميز إذا قلنا على المذهب يضمنه بالعقد ، وعلى هذا يحمل قولهم ، إذ قلنا على المذهب يضمنه بالعقد ، ولذلك علل أبو محمد بأن ضمان النقص عليها ، فعلم أن كلامه في المتميز ، وجعل غير المتميز إذا قيل ضمانه على الزوج الواجب قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفاته من يوم العقد إلى يوم القبض ، لأن ما نقص بعد العقد والحال هذه فهو على الزوج ، وما زاد فهو لها ، ثم إن أبا البركات أوجب القيمة يوم الفرقة بصفته وقت العقد ، لأنه وقت الاستحقاق ، وكلام الخرقي يقتضي وجوب القيمة يوم العقد بصفته إذ ذاك ، ولأبي البركات تحرير آخر ، وهو أن الواجب قيمة النصف ، لأن الله سبحانه جعل له نصف المفروض ، وإذا تعذر رجع في بدله ، وهو نصف قيمته ، والخرقي وجماعة جعلوا الواجب نصف القيمة . انتهى . .
وقوله : إلا أن يكون يصلح صغيراً لما لا يصلح له كبيراً ، فيكون له نصف قيمته يوم وقع عليه الغقد ، إلا أن يشاء أخذ ما بذلته له من نصفه ، مبني على القاعدة الثالثة ، وهي ما إذا تعيب الصداق ، فإذا كان العبد يصلح صغيراً لشيء لا يصلح له كبيراً ، كما إذا كان يقبل تعليم صناعة ونحوها وبالكبر امتنع ذلك منه فإنه قد تعيب فيخير الزوج بين أخذ نصف قيمته ، وبين أخذ ما بذلته له من نصفه ، واعتبر الخرقي أيضاً القيمة بيوم العقد ، واعتبرها القاضي بيوم القبض ، وفصل أبو البركات التفصيل السابق ، فكأنه حمل كلام القاضي على غير المتميز ، وكلام الخرقي يقتضي أن المرأة لها الامتناع من بذل النصف والحال هذه ، ولم أره لغيره ولا قاعدة المذهب تقتضيه ، إذ الواجد متاعه معيباً عند المفلس له الرجوع فيه ، ولا يتوقف ذلك على رضى الغرماء مع أنه إنما جاز له الانتقال إلى القيمة دفعاً للضرر عنه ، فإذا رضي بالضرر فحقه في العين بحاله ، والله أعلم .