ولا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين كما لم يلزم ذلك في عصر أوائل الأمة كالصحابة والتابعين فإن مذاهبهم كانت كثيرة متباينة ولم ينقل عن أحد منهم أنه قال لمن استفتاه الواجب عليك أن تراعي أحكام مذهب من قلدته لئلا تلفق في عبادتك بين مذهبين فأكثر بل كان من سأل منهم عن مسألة افتاه فيها بما يراه مذهبه مجيزا له العمل من غير فحص ولا تفصيل ولو كان ذلك لازما لما أهملوه خصوصا مع كثرة تباين أقوالهم وقال الموفق في المغني النسبة الى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة فإن اختلافهم رحمة واتفاقهم حجة قاطعة قال بعض الحنفية وفيه أي قول الموفق نظر فإن الإجماع ليس عبارة عن الأئمة الأربعة وأصحابهم قال في الفروع وليس في كلام الشيخ اي الموفق ما فهمه هذا الحنفي انتهى قال الخطابي وغيره روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اختلاف أمتي رحمة ذكره في شرح مسلم في الوصايا وفي الإفصاح لابن هبيرة الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج عنهم انتهى ويتجه وفيه اي كلام الإفصاح نظر بل يجوز تقليد غيرهم من الثقات حيث لا تحتمل المسألة قيدا كمقلد داود الظاهري في حل شحم الخنزير ومقلد ابن حزم في اللبث بمسجد للجنب ومقلد ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ممن يفتي في أن الطلاق الثلاث إذا كان دفعة كأنت طالق ثلاثا ونحوه لا يقع غير واحدة وفي علي الطلاق لأفعلن كذا ولم يفعله لا يقع شيء فإن احتمل التقيد امتنع كمقلد سعيد بن المسيب في حل المطلقة ثلاثا بمجرد العقد مع الحيلة لأن الحيل لا تجوز في شيء من أمور الدين ومقلد نافع وابن عمر في الوطء في الدبر حالة الحيض وأمثال هذا الاحتمال أنهما لا يريان ذلك حينئذ ولانفرادهما بهذه المسألة دون غيرهما وقد أنكر عليهما