وسلم قال من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ولأنه أمكن رد المغصوب إلى مالكه من غير إتلاف مال الغاصب على قرب من الزمان فلم يجز إتلافه كما لو غصب سفينة فحمل فيها متاعه وأدخلها لجة البحر لا يجبر على القائه فكذا هنا صيانة للمال عن التلف وفارق الشجر لطول مدته وحديث ليس لعرق ظالم حق محمول عليه لأن حديثنا في الزرع فيحصل الجمع بينهما ويخير مالك قبله أي قبل حصاده ولو كان المالك مالك المنفعة أي منفعة الأرض بإجارة ونحوها بين تركه أي الزرع إليه أي إلى الحصاد بأجرته أي أجرة مثله وأرش نقصها إن نقصت أو تملك أي الزرع بنفقته لأن كل واحد منهما يحصل به غرضه فملك الخيرة بينهما تحصيلا لغرضه وهي مثل البذر وعوض لواحقه من حرث وسقي وغيرهما لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق وله نفقته قال الإمام إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانا على خلاف القياس أي استحسانا للعمل بحديث رافع ابن خديج المتقدم وليس المراد الاستحسان الأصولي الذي هو في اللغة اعتقاد الشيء حسنا وفي عرف الأصوليين العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي وظاهره ولو كان عمل الحرث ونحوه بنفسه لأن العمل متقوم استهلك لمصلحة الزرع فوجب رد عوضه كما لو استأجر من عمله ولأن في كل من تبقيته بأجرته وتملكه بنفقته تحصيلا لغرض رب الأرض فملك الخيرة بينهما وحيث اختار المالك أخذ الزرع بنفقته فلا أجرة على الغاصب لمدة مكثه في الأرض المغصوبة لأن منافع الأرض في هذه المدة عادت إلى المالك فلم يستحق عوضها على غيره ويزكي الزرع رب الأرض إن أخذه قبل اشتداده لوجوبها وهو في ملكه إن تملكه بعد اشتداد الحب فزكاته على الغاصب لأنه المالك وقت وجوبها صححه في الإنصاف