باب التحذير من طوائف تعارض سنن النبي A بكتاب الله D وشدة الإنكارعلى هذه الطبقة .
قال محمد بن الحسين : ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول : قال رسول الله A في شيء قد ثبت عند العلماء فعارض إنسان جاهل فقال : لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله D قيل له : أنت رجل سوء وأنت ممن حذرناك النبي A وحذر منك العلماء .
وقيل له : يا جاهل إن الله D أنزل فرائضه جملة وأمر نبيه A أن يبين للناس ما أنزل إليه قال الله D : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } فأقام الله D وعلا نبيه A مقام البيان عنه وأمر الخلق بطاعته ونهاهم عن معصيته وأمرهم بإلانتهاء عما نهاهم عنه وقال D : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله A فقال D : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال تبارك وتعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ثم فرض على الخلق طاعته A في نيف وثلاثين موضعا من كتابه D .
وقيل لهذا المعارض لسنن الرسول A : يا جاهل قال الله D : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } أين تجد في كتاب الله D أن الفجر ركعتان وأن الظهر أربع وأن العصر أربع وأن المغرب ثلاث وأن العشاء أربع ؟ وأين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي A ؟ ومثلها الزكاة أين تجد في كتاب الله D من مائتي درهم خمسة دراهم ومن عشرين دينارا نصف دينار ومن أربعين شاة شاة ومن خمس من الإبل شاة ومن جميع أحكام الزكاة أين تجدها في كتاب الله D ؟ .
وكذلك جميع فرائض الله D التي فرضها الله جل وعلا في كتابه لا يعلم حكم فيها إلا بسنن الرسول A .
هذا قول علماء المسلمين من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام ودخل في ملة الملحدين نعوذ بالله تعالى من الضلالة بعد الهدى .
وقد روي عن النبي A وعن صحابته رضي الله تعالى عنهم : مثلما بينت لك فاعلم ذلك .
و [ حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه Bه ؟ قال : قال رسول الله A : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يبلغه الأمر عني فيقول : لم أجد هذا في كتاب الله D ] .
و [ حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع قال : قال رسول الله A : لا أعرفن أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا ندري ما وجدنا في كتاب الله D اتبعناه ] .
[ حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي قال : حدثنا عاصم بن علي قال : حدثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة Bه قال : قال رسول الله A : لا أعرفن أحدا منكم أتاه عني حديث وهو متكىء على أريكته فيقول : أتل به قرآنا ] .
[ أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد عفير الأنصاري قال : أخبرنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثنا أبو قتادة قال : حدثنا حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معد يكرب الكندي Bه عن النبي A قال : ألا إني أوتيت الكتاب ومثله ألا إني أوتيت الكتاب ومثله - مرتين - ألا إنه يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ] وذكر الحديث .
حدثنا أحمد بن سهل الإسفراييني قال : حدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا ابن المبارك عن معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن عمران بن حصين Bه أنه قال لرجل : إنك أحمق أتجد في كتاب الله D الظهر أربعا لايجهر فيها بالقراءة ؟ ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحوهما ثم قال : أتجد هذا في كتاب الله D مفسرا ؟ إن كتاب الله جل وعلا أحكم ذلك وإن السنة تفسر ذلك .
وحدثنا أحمد بن سهل قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا ثوبان عن حماد بن سلمة عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير أنه حدث عن رسول الله A حديثا فقال رجل : إن الله D قال في كتابه : كذا وكذا فقال : لا أراك تعارض حديث رسول الله A بكتاب الله D سبحانه وتعالى .
حدثنا أحمد بن سهل قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا قطبة بن عبد العزيز و أبو بكر بن عياش عن عبد الرحمن بن يزيد : أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهر المحرم فقال : ائتني بآية من كتاب الله D بنزع ثيابي فقرأ عليه : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } .
قال : حدثنا أبو محمد الحسين بن علويه القطان قال : حدثنا عاصم بن علي قال : حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج قال : إن عمر بن الخطاب Bه قال : إن ناسا يجادلوكم بشبه القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله D وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عيسى بن حماد زغبة قال : حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن الأشج قال : إن عمر بن الخطاب Bه قال : سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله D .
و [ أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي قال : حدثنا أبو الربيع - يعني الزهراني - قال : حدثنا جرير - يعني ابن عبد الحميد - عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال : قال عبد الله بن مسعود Bه : لعن الله تعالى الواشمات والمستوشمات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله D فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب كانت تقرأ القرآن فأتته فقالت : ما حديث ما بلغني عنك : أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله D ؟ فقال عبد الله : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله A وهو في كتاب الله D ؟ فقالت : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدت هذا ؟ فقال عبد الله Bه : لئن كنت قرأته لقد وجدته ثم قال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ] .
و [ أخبرنا يوسف بن يعقوب قال : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله Bه قال : لعن رسول الله A الواشمات وذكر نحو الحديث ] .
وحدثنا أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا المفضل بن مهلهل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله Bه : أن امرأة من بني أسد وذكر الحديث نحوه .
وحدثنا أحمد بن سهل أيضا قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا ابن المبارك عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء في قول الله D : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } قال : إلى الله : إلى كتاب الله جل وعلا وإلى الرسول : إلى سنة رسول الله A .
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي قال : أخبرنا الحوطي عبد الوهاب بن نجدة قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا سوادة بن زيادة و عمرو بن مهاجر عن عمر بن عبد العزيز Bه أنه كتب إلى الناس : إنه لا رأي لأحد مع سنة رسول الله A .
وأخبرنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا هشام بن القاسم الحراني قال : حدثنا عيسى - يعني ابن يونس - عن الأوزاعي عن مكحول قال : السنة سنتان : سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير حرج .
قال محمد بن الحسين : فيما ذكرت في هذا الجزء من التمسك بشريعة الحق والاستقامة على ما ندب الله D إليه أمة محمد A وندبهم إليه الرسول A : ما إذا تدبره العاقل علم أنه قد لزمه التمسك بكتاب الله D وسنة رسول الله A وسنة الخلفاء الراشدين وجميع الصحابة Bهم وجميع من تبعهم بإحسان رحمهم الله وأئمة المسلمين وترك المراء والجدال والخصومات في الدين ومجانبة أهل البدع والاتباع وترك الابتداع وقد كفانا علم من مضى من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم عن مذاهب أهل البدع والضلالات والله تعالى الموفق لكل رشاد والمعين عليه إن شاء الله تعالى