1 - { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض } أخبر بأنه سبحانه وتعالى حقيق بالحمد ونبه على أنه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو يحمد ليكون حجة على الذين هم بربهم يعدلون وجمع السموات دون الأرض وهي مثلهن لأن طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات وقدمها لشرفها وعلو مكانها وتقدم وجودها { وجعل الظلمات والنور } أنشأهما والفرق بين خلق وجعل الذي له مفعول واحد أن الخلق فيه معنى التقدير والجعل فيه معنى التضمين ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت الثنوية وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والأجرام الحاملة لها أو لأن بالظلمة الضلال وبالنور الهدى والهدى واحد والضلال متعدد وتقديمها لتقدم الإعدام على الملكات ومن زعم أن الظلمة عرض يضاد النور احتج بهذه الآية ولم يعلم أن عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } عطف على قوله الحمد لله على معنى أن الله سبحانه وتعالى حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ويكون بربهم تنبيها على أنه خلق هذه الأشياء أسبابا لتكونهم وتعيشهم فمن حقه أن يحمد عليها ولا يكفر أو على قوله خلق على معنى أنه وتعالى خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه ومعنى ثم : عدو لهم بعد هذا البيان والباء على الأول متعلقة بكفروا وصلة يعدلون محذوفة أي يعدلون عنه ليقع الإنكار على نفس الفعل وعلى الثاني متعلقة ب { يعدلون } والمعنى أن الكفار يعدلون بربهم الأوثان أي يسوونها به سبحانه وتعالى