11 - { ثم استوى إلى السماء } قصد نحوها من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توحها لا يلوي على غيره والظاهر أن ثم لتفاوت ما بين الخلقتين لا للتراخي في المدة لقوله : { والأرض بعد ذلك دحاها } ودحوها على خلق الجبال من فوقها { وهي دخان } أمر ظلماني ولعله أراد به مادتها أو الأجزاء المصغرة التي كتب منها { فقال لها وللأرض ائتيا } بما خلقت فيكما من التأثير والتأثر وأبرزا ما أودعتكما من الأوضاع المختلفة والكائنات المتنوعة أو { ائتيا } في الوجود على أن الخلق السابق بمعنى التقدير أو الترتيب للرتبة أو الإخبار أو إتيان السماء حدوثها وإتيان الأرض أن تصير مدحوة وقد عرفت ما فيه أو لتأت كل منكما الأخرى في حدوث ما أريد منكما ويؤيده قراءة آتيا في المؤاتاة أي كل واحدة أختها فيما أردت منكما { طوعا أو كرها } شئتما ذلك أو أبيتما والمراد إظهار كمال قدرته ووجوب وقوع مراده لا إثبات الطوع والكره لهما وهما مصدران وقعا موقع الحال { قالتا أتينا طائعين } منقادين بالذات والأظهر أن المراد تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما بالذات عنها وتمثيلهما بأمر المطاع وإجابة المطيع إنما الطائع كقوله : { كن فيكون } وما قيل من أنه تعالى خاطبهما وأقدرهما على الجواب إنما يتصور على الوجه الأول والأخير وإنما قال طائعين على المعنى باعتبار كونهما مخاطبتين كقوله : { ساجدين }