وغشيت أشعة العظمة على عقله وروحه ونفسه فانشرح لذلك صدره وقوى إيمانه ونزه ربه عن صفات خلقه من الحصر والحلول وذاق حينئذ شيئا من أذواق السابقين المقربين بخلاف من لا يعرف وجهة معبوده وتكون الجارية راعية الغنم أعلم بالله منه فإنها قالت في السماء عرفته بأنه على السماء فإن في تأتي بمعنى على قوله تعالى يتيهون في الأرض أي على الأرض وقوله لأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل فمن تكون الراعية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده فإنه لا يزال مظلم القلب لا يستنير بأنوار المعرفة والإيمان ومن أنكر هذا القول فليؤمن به وليجرب ولينظر إلى مولاه من فوق عرشه بقلبه مبصرا من وجه أعمى من وجه كما سبق مبصرا من جهة الإثبات والوجود والتحقيق أعمى من جهة التحديد والحصر والتكييف فإنه إذا عمل ذلك وجد ثمرته إن شاء الله تعالى ووجد نوره وبركته عاجلا وآجلا ولا ينبؤك مثل خبير والله سبحانه الموفق والمعين .
فصل .
في تقريب مسألة الفوقية من الأفهام بمعنى من علم الهيئة لمن عرفه لا ريب أن أهل هذا العلم حكموا بما اقتضته الهندسة وحكمها صحيح لأنه ببرهان لا يكابر الحس فيه بأن الأرض في جوف العالم العلوي وأن كرة الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة والسماء محيطة بها من