فمن تقاعد عن ذلك سموه من طريق الجدل منقطعا وجعلوه مبطلا وحكموا بالفلج لخصمه .
والجدل لا يتبين به حق ولا تقوم به حجة وقد يكون الخصمان على مقالتين مختلفتين كلتاهما بطالة ويكون الحق في ثالثة غيرهما فمناقضة أحدهما صاحبه لا تصحح مذهبه وإن أفسد به قول خصمه لأنهما مجتمعان في الخطأ مشتركان فيه كقول الشاعر فيهم .
حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا وكل كاسر مكسور .
وإنما كان الأمر كذلك لأن واحدا من الفريقين لا يعتمد في مقالته أصلا صحيحا وإنما هو آراء تتقابل وأوضاع تتكافأ وتتعادل .
ولو أنصفوا في المحاجة لزم الواحد منهم أن ينتقل عن مذهبه كل يوم كذا وكذا مرة لما يورد عليه من الإلزامات وتراهم ينقطعون في الحجاج ولا ينتقلون وهذا هو الدليل على أنه ليس قصدهم طلب الحق وإنما طريقهم اتباع الهوى فحسب