فاختدعهم بهذه المقدمة حتى استزلهم عن واضح المحجة وأورطهم في شبهات تعلقوا بزخارفها وتاهوا عن حقائقها ولم يخلصوا منها إلى شفاء نفس ولا قبلوه بيقين علم .
ولما رأوا كتاب الله ينطق بخلاف ما انتحلوه ويشهد عليهم بباطل ما اعتقدوه ضربوا بعض آياته ببعض وتأولوها على ما يسنح لهم في عقولهم واستوى عندهم على ما وضعوه من أصولهم .
ونصبوا العداوة لأخبار رسول الله ولسنته المأثورة عنه وردوها على وجوهها وأساؤوا في نقلتها القالة ووجهوا عليهم الظنون ورموهم بالتزيد ونسبوهم إلى ضعف المنة وسوء المعرفة بمعاني ما يروونه من الحديث .
ولو أنهم أحسنوا الظن بسلفهم وآثروا متابعتهم وسلموا حيث سلموا وطلبوا المعاني حيث طلبوا واجتهدوا في رد الهوى وخداع الشيطان لانشرحت صدورهم وظهر لهم برد اليقين وروح المعرفة وضياء التسليم ما ظهر لسلفهم وبرز لهم من أعلام الحق ما كان مكشوفا لهم .
غير أن الحق عزيز والدين غريب والزمان مفتن .
ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور