( 5 ) بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة هذه دراسة تكتسب أهميتها من أهمية موضوعها الذاتية في التشريع والتأريخ والتراث. وموضوع هذه الدراسة يتصل بصميم القرآن نصا ومفهوما، ويتعلق بجوانبه الإيحائية والتدوينية والشكلية أثرا ومعاناة وتأريخا، وهو يحوم حول جزئيات متناثرة، يجمع شتاتها، ويوجد متفرقاتها، بعيدا عن الفهم التقليدي حينا، وعن التزمت الموروث حينا آخر، في استيعاب القضايا المعقدة، وارتياد المناخ المجهول، وسوف لا تلمس فيه للتعصب أثرا، ولا تصطدم بالمحاباة منهجا، الهدف العلمي يطغى فيه على الهوى النفسي، ليلتقي من خلال ذلك الغرض الفني في النقد والتمحيص، بالغرض الديني في الاستقراء والمعرفة، لم أكن فيه متطرفا حد الإفراط، ولا متسامحا حد التهاون، بل اتخذت بين ذلك سبيلا. ومفردات هذه الدراسة تتناول " تأريخ القرآن " بكل التفصيلات الدقيقة، والأبعاد المترامية الأطراف ؛ ابتداء من ظاهرة وحيه، ومرورا بنزوله، وجمعه، وقراءاته، وشكله، وانتهاء بسلامته وصيانته، فكان أن انتظم عدة فصول هي كالآتي: الفصل الأول: وحي القرآن ؛ وقد تكفل بالحديث عن ظاهرة الوحي القرآني، ورعاية الوحي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم شأنه بذلك شأن من تقدمه من الرسل، وكان ميدانا لتفسير الظاهرة وتعليلها نفسيا وعلميا وقرآنيا، مع معالجة مجموعة التقولات والاجتهادات التي تناولت الوحي حينا، والكشف والإلهام والروحية حينا آخر، بما ميزنا به حالة الوحي عن سواها، وتأثيرها