(9) الكلام عليه. وقوله " إلا لنعلم " قيل في معناه ثلاثة اقوال: اولها " إلا لنعلم " اي لنعلم حزبنا من النبي والمؤمنين، كم يقول الملك فعلنا وفتحنا بمعنى فعل أولياؤنا ومن ذلك قيل: فتح عمر السواد وجبا الخراج وإن لم يتول ذلك بنفسه. الثاني - إلا ليحصل المعلوم موجودا، فقيل على هذا: إلا لنعلم، لانه قبل وجود المعلوم لا يصح وصفه بانه عالم بوجوده. والثالث - إلا لنعاملكم معاملة المختبر الممتحن الذي كأنه لا يعلم أن العدل يوجب ذلك، من حيث لو عاملهم بما يعلم انه يكون منهم كان ظلما لهم. ويظهر ذلك قول القائل لمن انكر أن تكون النار تحرق الحطب: فاليحضر النار والحطب لنعلم أتحرقه أم لا، على جهة الانصاف في الخطاب، لاعلى جهة الشك في الاحراق. وهذا الوجه اختاره ابن الاخشاد، والرماني. وكان علي بن الحسين المرتضى الموسوي يقول في مثل ذلك وجها مليحا: وهو ان قال: قوله لنعلم يقتضي حقيقة ان يعلم هو وغيره ولا يحصل علمه مع علم غيره إلا بعد حصول الاتباع، فاما قبل حصوله فانما يكون هو تعالى العالم وحده، فصح حينئذ ظاهر الاية وهذا وجه رابع، وفيه قول خامس - وهو ان يعلموا انا نعلم، لانه كان منهم من يعتقد ان الله لا يعلم الشئ حتى يكون على ان قوله: " لنعلم من يتبع الرسول " لا يدل على حدوث العلم، لانه كان قبل ذلك عالما بان الاتباع سيوجد، او لا يوجد، فان وجد كان عالما بوجوده وان لم يتجدد له صفة. وانما يتجدد المعلوم، لان العلم بان الشئ سيوجد علم بوجوده إذا وجد. وانما يتغير عليه الاسم، ويجري ذلك مجرى تغير الاسم على زمان بعينه، بان يوصف بانه غد قبل حصوله، فاذا حصل قيل انه اليوم، فاذا تقضى وصف بانه امس، فتغير عليه الاسم والمعلوم لم يتغير. وقوله تعالى: " ممن ينقلب على عقبيه " قيل في معناه قولان: احدهما ان قوما ارتدوا عن الاسلام لما حولت القبلة جهلا منهم بما فيها من وجه الحكمة.