(596) لقولهم في الجواب (نحن أنصار الله) وقرأ نافع وحده (انصاري إلى الله) بفتح الياء. الباقون باسكانها وهما جميعا جيدان. يقول الله تعالى مخاطبا للمؤمنين (يا أيها الذين آمنوا) بالله واعترفوا بتوحيده وإخلاص عبادته وصدقوا رسوله (هل أدلكم على تجارة) صورته صورة العرض والمراد به الامر. والتجارة طلب الربح في شراء المتاع. وقيل لطلب الثواب بعمل الطاعة تجارة تشببها بذلك، لما بينهما من المقاربة (تنجيكم) أي تخلصكم (من عذاب أليم) أي مؤلم، وهو عذاب النار. ثم فسر تلك التجارة فقال (تؤمنون بالله ورسوله) أي تعترفون بتوحيد الله وتخلصون العبادة له وتصدقون رسوله فيما يؤديه اليكم عن الله. وإنما قال (تؤمنون) مع أنه قال (يا ايها الذين آمنوا) لان ذلك جار مجرى قوله (يا ايها الذين آمنوا آمنوا) (1) وقد بيناه فيما مضى (2) (وتجاهدون في سبيل الله) يعني قتال اعدائه الكفار (بأموالكم) فتنفقونها في ذلك (وأنفسكم) فتحاربون بنفوسكم. ثم قال (ذلكم خيرلكم) أي ما ذكرته لكم ووصفته أنفع لكم وخير عاقبة إن علمتم ذلك واعترفتم بصحته. وإنما قال (ذلكم خيرلكم) مع أن تركه قبيح ومعصية لله، لان المعنى ذلكم خير لكم من رفعه عنكم، لان ما أدى إلى الثواب خير من رفعه إلى نعيم ليس بثواب من الله تعالى. والتكليف خير من رفعه إلى الابتداء بالنعم لكل من عمل بموجبه، وقيل: إيمانكم بالله خير لكم من تضييعه بالمشتهى من أفعالكم (إن كنتم تعلمون) مضار الاشياء ومنافعها وإنما جاز (تؤمنون بالله) مع أنه محمول على التجارة وخبر عنها، ولا يصلح أن يقال التجارة تؤمنون. وإنما يقال التجارة أن تؤمنوا بالله، لانه على طريق ما يدل على خبر التجارة لا على نفس الخبر إذ الفعل يدل على مصدره وانعقاده بالتجارة في المعنى ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 4 النساء آية 139 (2) انظر 3 / 307، 359 (*)