(479) حنيفا وما كان من المشركين (136) آية بلا خلاف. الضمير في قوله: " وقالوا كونوا " يرجع إلى اليهود، والنصارى، لان كل فريق منهم دعي إلى ماهو عليه ومعنى " تهتدوا " أي تصيبوا طريق الحق. كانهم قالوا: تهتدوا إلى الحق. وروي عن عبدالله بن عباس، انه قال: قال عبدالله بن صوريا الاعور لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد. وقالت النصارى: مثل ذلك فانزل الله (تعالى) " وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا الآية " وفى قوله: " بل ملة ابراهيم حنيفا " حجة على وجوب اتباع ملة ابراهيم إذ كانت سليمة من التناقض. وكان في اليهودية والنصرانية تناقض، وذلك لا يكون من عند الله فصارت ملة ابراهيم احق بالاتباع من غيرها. والتناقض في اليهودية مثل منعهم من جواز النسخ مما في التوراة مما يدل على جواز ذلك وامتناعهم من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الامي مع اظهارهم التمسك بها، وامتناعهم من الاذعان لما (1) دلت عليه المعجزة: من نبوة عيسى، ونبوة محمد (صلى الله عليه وآله) مع اقرارهم بنبوة موسى من أجل المعجزة إلى غير ذلك من انواع التناقض. وأما النصارى أب وابن وروح قدوس إله واحد مع زعمهم ان الاب ليس هو الابن وان الاب إله والابن إله وروح القدوس إله. فاذا قيل لهم قولوا ثلاثة آلهة امتنعوا من ذلك. إلى ما يصفون به الباري تعالى مما (2) يوجب الحاجة والحدث. ويقولون: مع ذلك انه قديم لم يزل إلى غير ذلك من مناقضاتهم التي لا تحصى كثيرة، وهي موجودة في الكتب عليهم نبهنا على جملها. وأما الحنيفية فهي الاستقامة. وانما قيل للذي يقبل باحدى قدميه على الاخرى أحنف تفاؤلا بالسلامة كما قيل للهلكة: مفازة تفاؤلا بالفوز، والنجاة، وهو قول الرياشي وابن قتيبة، واهل اللغة. وقال الزجاج: أصله الميل، وابراهيم حنيف إلى دين الاسلام، وقال: العادل إلى دين ـــــــــــــــــــــــ " 1 " في المطبوعة " ما. " " 2 " في المطبوعة " متا ". (*)