(475) قوله تعالى: " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون " (134) ـ آية واحدة بلا خلاف ـ (أم) هاهنا منقطعة وليست بمتصلة كقوله " الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه " (1) ومثله قول الشاعر (2): كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا (3) ولا تجئ منقطعة الالف وقد تقدمها كلام، لانها بمعنى بل، وألف الاستفهام. كأنه قيل: بل كنتم شهداء، ومعناها ـ هنا ـ الجحد: اي ما كنتم شهداء. واللفظ لفظ الاستفهام. والمعنى على خلافه، لان إخراجه مخرج الاستفهام أبلغ في الكلام، وأشد مظاهرة في الحجاج: أن يخرج الكلام مخرج التقرير بالحق فتلزم الحجة، والانكار له فتظهر الفضيحة، فلذلك اخرج الجحد (4) في الاخبار مخرج الاستفهام. والمخاطب ب " أم كنتم شهداء " أهل الكتاب في قول الربيع. والمعنى: انكم لم تحضروا ذلك، فلا تدعوا على انبيائي ورسلي الاباطيل بنحلكم اياهم خلاف الاسلام من اليهودية والنصرانية، فايى ما بعثهم إلا بالحنفية. والشهداء جمع شهيد. و (إذ) هاهنا بدل من (إذ) الاولى، والعامل فيها معنى الشهادة. وقيل بل العامل فيها حضر، وكلاهما حسن. اللغة: والحاضر والشاهد من النظائر. ونقيض الحاضر الغائب. ويقال: حضر ـــــــــــــــــــــــ " 1 " سورة السجدة: آية 1 و 2 و 3. " 2 " هو الاخطل. " 3 " انظرا: 3. 4 تجد التفصيل " 4 " في المطبوعة (الحجة). (*)